اليوم الجمعة 25 إبريل 2025م
الإعلام العبري: مقتل جندي إسرائيلي خلال معارك في حي تل السلطان برفحالكوفية "زحلقات" الرئيس عباس الكلامية..وهيبة المؤسسة الرسمية!الكوفية وسائل إعلام إسرائيلية: إجلاء 4 جنود وضباط مصابين من قطاع غزة 3 منهم في حالة خطيرةالكوفية أوروبا تبتعد عن السياسة الأميركيةالكوفية هزيمة جيوش الضمير ...!الكوفية في يومها الـ 39.. أبرز التطورات لتجدد حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزةالكوفية كأس ملك إسبانيا: حكم النهائي ينهار باكياً مندداً بضغوطات قناة ريال مدريدالكوفية دورة مدريد: ميدفيديف يصعد للدور الثالثالكوفية لبنان: عقبات تواجه مهمة الحكومة لاستعادة الانتظام الماليالكوفية المبعوث الأمريكي ويتكوف يلتقي الإيرانيين السبت في عُمانالكوفية في بيانه الختامي.. المجلس المركزي يشدد على أولوية وقف العدوان ورفض التهجيرالكوفية بالأسماء|| 15 شهيدا في قصف استهدف منزلين في خانيونسالكوفية استشهاد طفل برصاص الاحتلال في بلدة سالم شرق نابلسالكوفية الاحتلال يعترف بقتل موظف أممي بلغاري بغزة وغضب في صوفياالكوفية القسام: تمكنا من قنص 4 جنود وضباط من جيش الاحتلال شمال غزةالكوفية 84 شهيدا و168 إصابة بمجازر الاحتلال في غزة خلال 24 ساعةالكوفية مراسلنا: قصف مدفعي متجدد محيط منطقة الدعوة شمال شرق النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية استشهاد المسن ماجد الحرازين 70 عاما إثر قصف مدفعي إسرائيلي في شارع العرايس شرق حي الزيتونالكوفية حقوقيون إسرائيليون يقرون بمسؤولية جيشهم عن تجويع السكان في قطاع غزة ويدعون لوقف الحربالكوفية "الأونروا": نصف مليون نازح جديد في غزة خلال شهر والمساحة المتبقية للفلسطينيين غير آمنةالكوفية

هزيمة جيوش الضمير ...!

18:18 - 25 إبريل - 2025
أكرم عطا الله
الكوفية:

في مقابلة صادمة لرئيس الوزراء القطري الأكثر شهرةً حمد بن جاسم مع صحيفة «القبس»، ألقى الرجل قنبلة من العيار الثقيل حين سأله المذيع عما تقول الصحافة في موضوع ما لينفجر الرجل قائلاً «اتركك من الصحافة، هناك صحافيين كانوا على النظام المالي الخاص بنا، كنا ندفع لهم شهرياً، بعضهم صاروا نواب الآن وبعضهم صاروا وطنيين ... أعرفهم في دول كثيرة ندفع لهم وهناك من لهم مرتبات فاترك موضوع الصحافة» ويقصد مصداقيتها وكيف يتم شراؤها.
هكذا وجّه رئيس وزراء الإمارة السابق الضربة الأكبر للصحافة التي تعتبر الاستقلالية شرط ممارستها الأول كمهنة محترمة، وظيفتها قول الحقيقة ونقل الحدث كما هو دون المساهمة في تزييف الوعي العام، وهو ما حدث خلال سنوات طويلة تبدّى في عشرية اضطراب الإقليم، وانكشفت أكثر في الحرب على قطاع غزة مما قدمته بعض الفضائيات من استقطاب حاد لقضايا سياسية، ليتضح أن معظم من يمتهنون تلك المهنة فقدوا استقلالهم وتحولوا إلى تروس صغيرة في ماكينة السياسات الإقليمية التي كان يتم تعبئتها بالنفط الخليجي.
بعد حرب أكتوبر والطفرة الكبيرة لأسعار النفط بدأ رأس المال العربي ينتقل نحو الخليج العربي الذي أصبح في ثمانينات القرن الماضي مركز الثقل الاقتصادي العربي، وهذا فتح شهية الخليج لنقل مركز الثقل السياسي، ومن أجل ذلك كان لا بد من تهميش عواصم المركز القومي الثلاث: القاهرة وبغداد ودمشق، وكان ذلك يتطلب السيطرة على الإعلام ومن خلاله السيطرة على النخب الإعلامية والثقافية في العالم العربي.
كثير من تلك النخب تم تدجينها بالمال، وقد كشف سقوط بعض الأنظمة العربية عن رواتب ثابتة كانت تُدفع لمثقفين، هذا ما كشفت عنه وثائق عراقية بعد سقوط الزعيم العراقي صدام حسين، وكذلك وثائق وجدها المتظاهرون في باب العزيزية بعد سقوط معمر القذافي، ومخصصات بعض الكتاب العرب والذين بكل أسف كان المواطن العربي يثق بأمانة القلم لديهم، متخذاً من آرائهم السياسية مدخلاً لفهم أحداث الإقليم، وإذا كانت وثائق القذافي وصدام حسين تشير لاسمين أو ثلاثة فإن رئيس الوزراء القطري السابق يتحدث عن طوفان من الصحافيين وهو ما فعلته قطر.
لقد تمكنت الإمارة الخليجية من استخدام المال بشكل ذكي لتصنع لها حضوراً هائلاً في المنطقة خلال العقود الماضية، وقد سبقت دول الخليج الأخرى التي تنبهت متأخرة لتحاول تقليد تلك الإمارة الصغيرة لكن بلا احتراف، كذلك الذي أدارت به الدوحة جمهوريتها الإعلامية الممتدة في كل بقاع الأرض، لدرجة أنه جرى حديث قبل سنوات عن هدايا كبيرة كانت تقدمها قطر لرؤساء جامعات في الولايات المتحدة الاميركية، ومنها أزمة اسرائيل الجديدة وقدرة قطر المدهشة على تجنيد موظفين كبار في الدولة الإسرائيلية.
أما في الدول العربية وفي فلسطين فلم يفتح هذا الملف على مستوى الثقافة والسياسة رغم قدرة المواطن على اكتشاف اللغة التي يتحدث بها أي مثقف وصحافي، ورائحة النفط التي تفوح بالكثير من الكتابات، لدرجة هبطت بالكثير من النخب من علياء مهنة شرطها الأول الضمير إلى مجرد أيدٍ عاملة صغيرة. رأيت الكثير منهم وناقشت الكثير منهم قبل أن أراجع نفسي وأتوقف عن ذلك، فقد كان النقاش دائماً عقيماً بين نقاش من العقل ونقاش من الجيب والحساب البنكي الذي يلوي عنق الحقائق لصالح وجهة الممول.
لقد أطلق محمد حسنين هيكل على المثقفين وصف «جيوش الضمير» ويبدو أن الرجل كان يعيش عصر الستينات والسبعينات، عصر القيم والأخلاق والفرسان، عصر المثقف الذي يصطدم مع السلطة والمال، المثقف الفقير الذي خبر السجون وغضب النظم الحاكمة حين كان أميناً لمهنة المتاعب، عندما كان يقول كلمة الحق في وجه السلطان قبل أن يصبح المثقف من حاشية السلطان، وقبل المزاد المفتوح الذي جرى في العقدين الماضيين الذي أطاح بالكثير من قادة هذا الجيش عند أول إغراء وأول نداء.
كثير من المثقفين ترنحوا أمام وهج المال ولم يستطيعوا المقاومة، فانهارت مصداقيتهم المهنية وأمانة القلم والفكر، وتحولوا إلى منظّرين لسياسات تطبخ في القصور ولا يهم إذا كانت تتوافق مع مواقف سابقة لهم. فقد تحولوا إلى شغّيلة، لنرى كل هذه النقمة التي يعبر عنها سخط الرأي العام على كتاب ومحللين وصحافيين وسياسيين، لقد تم تسليع العقل الذي كما كل شيء في عصر تدنى خلاله مستوى المثقفين وتم تسعير العقل والقلم. أذكر في بدايات الكتابة أنني اكتشفت مصطلح المكافأة وهي ما يطلق على العائد المالي للمقال، وحين سألت لماذا؟ قيل لي أن لا سعر للفكر والمقال، لذا يقال عنه مكافأة، لكن رئيس الوزراء السابق يتحدث عن رواتب وعن شراء ذمم، هذا هو السائد.
لا يعني ذلك أن ليس هناك أيضاّ كثير من المثقفين رفضوا تسليع أنفسهم، وخصوصاً من مثقفي الصف الأول الذين حافظوا على طهرانية الفكرة والسلوك، لتلتف دول المال للصف الثالث والرابع من أنصاف المثقفين وأشباههم، والمأساة أن تصنع منهم رواداً وأعلاماً، لكن الحقيقة الوحيدة أن المزاج الشعبي أكثر ذكاء في التمييز ولا يمكن خداعه، لأن لديه إحساساً قوياً جداً، فتلك المسألة الوحيدة التي لا يمكن إخفاؤها، لأن على المال أن يترجم نفسه لموقف ومقال وإلا سيتوقف الـ «payrool « كما قال حمد بن جاسم.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق