الأمّة التي تنسى مفكّريها… تُسلّم عقلها للجاهلين
المحامي علي أبو حبلة
الأمّة التي تنسى مفكّريها… تُسلّم عقلها للجاهلين
الكوفية الأمة التي لا تستذكر علماءها ومفكّريها وكتّابها وأصحاب المواقف الوطنية والسياسية الشجاعة، هي أمّة تُفرّط بذاكرتها، وتترك مصيرها لأصوات غوغائية وشعبوية تحاول أن تتصدر المشهد دون علم أو وعي أو تاريخ.
اليوم، نسمع من يهاجم استذكار رموز الفكر والأدب والعلم، ويعتبر ذلك “إفلاسًا سياسيًا”.
وفي الحقيقة، الإفلاس الحقيقي هو في خطاب من يخشى الذاكرة، ويخاف من قوة الأفكار الأصيلة، ويريد دفن كل ما يذكّر الشعب بعمقه الحضاري ومجده التاريخي.
إن العودة إلى تراث العلماء والمفكرين ليست عودة إلى الماضي، بل هي معركة وعي في مواجهة الاحتلال، وفي مواجهة الفوضى السياسية، وفي مواجهة من يحاولون تحويل النضال الوطني إلى شعارات فارغة وتهريج إعلامي.
إن الأمم التي تتخلى عن مفكّريها تصبح لعبة في يد الآخرين، ويتحوّل تاريخها إلى سلعة يكتبها المحتل والمستفيدون من الفوضى. بينما الأمم التي تحترم رموزها، تصنع مشروعها الوطني بنفسها، وتُحصّن وعيها ضد التزييف وضد صناعة الكذب.
الغوغائيون والشعبويون يريدون شعبًا بلا ذاكرة، حتى يملؤوا الساحة بالصراخ بدل التفكير، وبالتحريض بدل التنوير، وبالتجهيل بدل الوعي.
لكن الأمة الحيّة تعرف أن المفكر هو من يصنع الطريق، وليس من يرفع الصوت فقط.
إن تكريم رموز الفكر هو مقاومة سياسية بحد ذاتها، وهو إعادة الاعتبار للعقل في زمن تضيع فيه البوصلة، ويتكاثر فيه الادعاء، ويُغتال فيه الوعي تحت ضغط الفوضى، والتطبيع، وتشويه الرواية الفلسطينية.
نحن أمة لا تموت… لكننا بحاجة لمن يذكّرنا بأن جذورنا أعمق من ضجيج الشعبوية، وأن تاريخنا أكبر من محاولات طمسه، وأن وعينا أقوى من كل من يحاول سرقته.