- إعلام عبري: رحيل 6 ناشطين كانوا على متن السفينة "مادلين" من بينهم النائبة في البرلمان الأوروبي ريما حسن
- قوات الاحتلال تقتحم قرية الطبقة جنوب دورا جنوب مدينة الخليل
يخوض جيش الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة دون أي أفق للوصول إلى نهاية لهذه الحرب. فالأهداف الإسرائيلية التي أعلنها رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، غير قابلة للتحقق بالمعنى الحرفي، وتحتاج إسرائيل إلى عقد اتفاقات مع الفلسطينيين من أجل أن تنتهي الحرب وينتهي «التهديد» الفلسطيني من قطاع غزة. فلا مجال لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في غزة دون اتفاق مع «حماس»، ولا مجال لإنهاء سلطة «حماس» دون سلطة فلسطينية بديلة تحظى بشرعية داخلية وعربية ودولية. وهذا لا يتوفر سوى في السلطة الوطنية القائمة في الضفة الغربية. وقد وضعت الدول العربية خطة متكاملة لليوم التالي في غزة بتبنيها الخطة المصرية. وهي خطة واقعية وتستجيب لمصالح جميع الأطراف بما فيها الأمن الإسرائيلي. صحيح أن الخطة لا تتضمن بنداً واضحاً يتحدث عن نزع سلاح «حماس»، ولكن هذا الموضوع يمكن حله في إطار صفقة شاملة. على الرغم من أن موقف «حماس» لا يزال سلبياً بهذا الشأن وهي تراهن على الوقت كما يفعل نتنياهو.
السبب الذي يجعل نتنياهو وشريكَيه سموتريتش وبن غفير يصرون على مواصلة الحرب بالإضافة إلى حسابات نتنياهو الشخصية ورغبته في البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة، هو عدم الرغبة في الوصول إلى حل سياسي ينهي الصراع، خصوصاً أن كل المقترحات لليوم التالي تتحدث عن عودة السلطة لغزة والذهاب نحو تطبيق حل الدولتين. وهناك أغلبية دولية كبيرة وواضحة مع هذا الخيار. وربما يشكل «التحالف العالمي لتطبيق حل الدولتين» مظهراً من مظاهر هذه الرغبة الدولية. وعليه فإن نتنياهو وعصابات اليمين العنصري المتطرف يرفضون عودة السلطة لغزة كبديل واقعي ومعتدل لحركة «حماس» التي يوجد إجماع إقليمي ودولي على ضرورة تخليها عن السلطة كشرط لإعادة إعمار غزة وللبدء في عملية سياسية جدية.
وتصر حكومة نتنياهو على خلق بدائل من صنعها لـ»حماس» في غزة. مرة من صفوف عشائر، ومرة أخرى من عصابات على غرار عصابة ياسر أبو شباب التي تعيد تجارب إسرائيل الفاشلة مثل روابط القرى في الضفة الغربية، وجيش جنوب لبنان، مع وجود فارق في الأشخاص الذين اضطلعوا بهذه المهمة خدمة للاحتلال، حيث لم يكن في تلك التجارب الفاشلة من هو أسوأ من ياسر أبو شباب وزمرته المنحرفة. وهذا الموضوع في الواقع يخلق جدلاً داخل إسرائيل حول جدوى المسألة على ضوء الفشل في الماضي. حتى أن هناك من يقارن بين مجموعة أبو شباب التي تضم بعض الإرهابيين السلفيين والدواعش وبين موقف نتنياهو من دعم «حماس» حيث استثمرت إسرائيل في دعم وتقوية «حماس» على حساب السلطة الفلسطينية لنفس الأسباب، خاصة منع قيام دولة فلسطينية، وكان السابع من أكتوبر هو النتيجة المثالية لهذا التفكير العقيم.
المتفائلون في إسرائيل يعتقدون أن حركة «أبو شباب» هي التي ستساهم في القضاء على حركة «حماس»؛ على اعتبار أنها حركة دموية لا تتورع عن استخدام السلاح وقتل مواطنين سواء من «حماس» أو من غيرها. ولا يهمهم أن يقتل الفلسطينيون بعضهم البعض. المهم أن تقوم جهة ما بالعمل القذر وتوفر الجهد والخسائر على قوات الاحتلال. والمتشائمون يرون أن هذه الظاهرة محكومة بالفشل، وتشكل إضاعة وقت وهروباً إلى الأمام من عقد صفقة للإفراج عن المحتجزين مقابل وقف الحرب.
الموضوع من وجهة نظر نتنياهو لا يتوقف فقط على محاربة «حماس» وإن كان هذا هو العنوان الأبرز لتبرير دعم هذه العصابة بالمال والسلاح، بل إنه يتعلق بمصير غزة وفلسطين بعد الحرب. وجود عصابات مسلحة لا رادع لها ولا تحكمها قيم أو أخلاق أو قواعد وطنية هو وصفة جيدة لصراع داخلي وحرب أهلية تكمل ما بدأه الاحتلال، وتثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني غير مؤهل لإقامة دولة يمترس فيها بحقوقه الوطنية، بالتالي فلا داعي لإنهاء الاحتلال أو تطبيق حل الدولتين. وهذا يشكل رداً على الدول التي تؤيد إقامة دولة فلسطينية وتعترف بهذه الدولة. فكيف لشعب يحارب نفسه أن يشكل عنصر أمن واستقرار في هذه المنطقة. وعملياً من شأن ذلك أن يفسح المجال لإسرائيل لاستكمال مخططها للاستيطان وضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية وربما كلها.
لا يجوز بأي حال التساهل مع ظاهرة أبو شباب أو تجاهلها أو التفكير بمنطق عدو خصمي حليفي. فهذه العصابة خطيرة ويجب مواجهتها بخطة وطنية قائمة على تشكيل لجان شعبية لحماية المساعدات وتوزيعها بعدالة، وتوفير ما أمكن من الأمن للمواطنين، وبث روح التضامن بين الناس، واستعادة المنظومة الأخلاقية والوطنية التي تضررت كثيراً في هذه الحرب.