اليوم الاثنين 12 مايو 2025م
غزة ونتنياهو في مرمى ترامب.. ماذا سيحدث بعد غيابه عن تل أبيب؟الكوفية البابا الجديد يثير جدلاً على مواقع التواصل الاجتماعي.. فما السبب؟الكوفية كنوز ما قبل التاريخ.. اكتشافات مذهلة في ماهان بكرمان الإيرانيةالكوفية سر الأهرامات: دراسة تكشف التقنيات المتقدمة المستخدمة في بنائها!الكوفية قصف بلا ملجأ.. أين يختبئ الغزيون في اليوم الـ55 من عودة الحرب؟الكوفية 4200 عائلة بلا مأوى.. هل الضفة خارج التغطية؟الكوفية لوبي داعم لـ"إسرائيل" في بريطانيا: حصار غزة يسهم في محاربة السمنةالكوفية عائلات فلسطينية جديدة تُخلي منازلها في الحي الشرقي بمدينة طولكرمالكوفية تراجع عدد المسافرين والرحلات بمطار بن غوريونالكوفية وزير الخارجية الألماني: الصراع في غزة لا يمكن حله بالوسائل العسكريةالكوفية ترامب يصف توسيع الحرب على غزة بـ"الجهد العبثي"الكوفية صحيفة: تفاؤل بأوساط حماس بالتوصل لهدنة في غزة خلال 48 ساعةالكوفية مسؤول بالبيت الأبيض: لا داعي لمحادثة بين ترمب ونتنياهو فقد زار واشنطن 700 مرة منذ تنصيب ترمبالكوفية إسرائيل تؤيد خطة ترامب للمساعدات في غزة وتحذر من "حرب للأبد"الكوفية هل بدأ تنفيذ نكبة 2025؟ قرار تهجير لا عملية مؤقتةالكوفية دلياني: القيم المجتمعية الإسرائيلية تُبيح الإبادة وتُناقض القيم الإنسانية في العصر الحديثالكوفية لا وقود لا ماء لا دواء.. من الذي قرر خنق غزة؟الكوفية 40 يوما بلا خبز.. جحيم يومي يعيشه الغزيونالكوفية زيارة ترامب.. تهدئة أم صفقة جديدة على حساب الفلسطينيين؟الكوفية غزة تنزف من كل الجهات والاحتلال يمحو أحياء بكاملهاالكوفية

«ألف .. باء» بعد الحرب

14:14 - 27 فبراير - 2025
سما حسن
الكوفية:

طالعتنا الصور ومقاطع الفيديو المصورة خلال اليومين الماضيين عن استئناف الدراسة في غزة التي لا تزال تتداعى بعد وقف الموت الفعلي فوق رؤوس سكانها، وانتقالهم إلى أشكال متعددة من الموت البطيء الذي لا تنقله وسائل الإعلام بأمانة، وحيث ان صعوبات الحياة اليومية والكفاح للبدء من الصفر هي حالات من الموت واستنزاف الروح والطاقة الجسدية لا يمكن لأي قلم او كاميرا أن تصورها.
ورغم كل ما آل إليه الحال في غزة من مآس وعذابات فإن الأحفاد يصرون على المشي قدما على خطى الأجداد بل انهم أبناء الأحفاد لو تحرينا الدقة وتتابع الأجيال بعد نكبة عام 1948، فلا عجب ان نرى الدروس التي تلقى في الخيام المهترئة، وحال التلميذ الذي وصل لخيمة من هذه الخيام لكي يتلقى الدروس على امل الا ينقطع عن التعليم، ولكي يبقى على نهج السابقين ممن عاشوا على ارض غزة، والذين تمسكوا بالتعليم لكي تحقق فلسطين اقل معدل في الامية العالمية، ولكي يشق أبناء غزة الصفوف في نبوغهم وتفوقهم في شتى مجالات العلم، وعلى مدار سنين متعاقبة من النكبة التي اعتقد العالم انها نهاية الفلسطيني الذي اكد لهم انه مثل العنقاء ينهض من الرماد ملوحاً بسيفه وقلمه.
فيما أذكر ان والدي رحمه الله قد تأخر في الالتحاق بالتعليم حتى أصبح في الثامنة من عمره أو أزيد قليلاً لأن أبي حين حلت النكبة كان يبلغ من العمر خمس سنين وقد اقترب من سن الالتحاق بالمدرسة، لكن ذلك لم يحدث والتحق بصفه الأول في سن متأخرة مثله مثل الكثيرين من اللاجئين الذين حط بهم الرحال في خيام على أطراف مدينة غزة، ثم انتقلوا إلى بيت من الطين النيئ المجبول بالأعشاب والقش في جنوب القطاع، وليخرج ابي حاملاً حقيبة مصنوعة من الخيش، وفي أحيان كثيرة كانت جدتي رحمها الله تصنع له حقيبة من الكيس الذي استلمت به كمية كبيرة من الطحين او الأرز من الأونروا، ويطلق عليه مسمى «الشكارة»، اما الحقيبة المدرسية فقد اطلقوا عليها اسم «الخريطة» وكان لهم فيها مآرب أخرى بعد انتهاء الدوام المدرسي، حيث تستخدم كحقائب للتسوق والتنقل وحمل الهدايا للأصحاب والأقارب.
كان ابي الذي جاهد كثيراً حتى اتم دراسته الجامعية بالانتساب لجامعة عين شمس المصرية، حيث لم ينقطع ابداً عن وصف حال تلاميذ غزة إبان النكبة وكيف كانوا يجلسون في صفوف بنيت من البوص أحياناً ومن الطين أحياناً أخرى، وبعد أن انتقلوا من الخيام وكيف كانت قدماه الصغيرتان الحافيتان تنغرزان في الطين والوحل في أرضية الصف الدراسين، لكن ذلك لم يثنه عن التعليم وعن تحقيق امنية والده الذي كان يعمل موظفاً في السكة الحديد. وعلى الرغم من عدم تلقيه أي تعليم فقد كان هذا الأب مناضلاً وحريصاً على ان يكون أبناؤه من حملة الشهادات الجامعية، وقد تحقق له ذلك فعلاً، وبعد عناء وكفاح مع جدتي رحمها الله وظل فخوراً بأبنائه الذين واصلوا تعليمهم في أصعب الظروف على صعيد ظروفهم العائلية او الظروف السياسية، وما بين الأعوام 1948 حتى العام 1967 خصوصاً، وحيث نجح بعض أولاده في الخروج من غزة ليعملوا كمعلمين في دول الخليج وليصبح اسم الواحد منهم مصنفاً كأحد رواد التعليم في تلك الفترة، وحيث كانت دول الخليج لم تبدأ في صحوتها الحضارية الكاملة.
عليك ان تتنهد وتهمس لنفسك «ما أشبه اليوم بالأمس» وأنت ترى تلاميذ غزة المنهكين والذين تبدو على وجوههم علامات سوء التغذية ويرتدون ملابس مهلهلة فيما تبدو أحذيتهم بالية وممزقة، ولكنهم يفترشون الأرض في بقايا الفصول وفي الخيام وبعض الفصول الافتراضية التي أقيمت في الساحات لكي يتلقوا تعليمهم ويواصلوا مسيرة بدأها الآباء والأجداد، ولكي يؤكدوا للعالم أجمع أن هذا الشعب لا يموت طالما كان ممتلكاً للإرادة، وطالما كان وريثاً للإصرار والقوة والتحدي والصمود من آبائه وأجداده الأولين. وعليك ان تتخيل ان هذا الجيل سوف يبقى على عهد السابقين ممن يحفظ التاريخ أسماءهم ويكتبها على لوحات من نور لأنهم فعلا كانوا منارة للعالم رغم كل ما مروا به من ظروف راهن عليها القريب والبعيد، بأنها كفيلة أن تقتل الإرادة، ولكن هيهات أن يحدث ذلك مع شعب الجبارين.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق