كثر الراصدون وقلّت الامطار، كثر الرصد وقلت المعرفة. وظل الناس يتحدثون عن المنخفض حتى انخفض، وغاب عن الرادار. وظل الناس يتحدثون عن الانتصار حتى صار حالنه مثل حالنا!! وقال لي أحد الباعة في الطريق إن المنخفض انحرف عنا الى بلاد أخرى ربما الى ايران. سألته من قال ذلك "ابتسم بانتصار كاسح وهمس لي (الذكاء الاصطناعي).
محركات البحث في ايدي الجميع، غوغل ومايكروسفت وماب واي تي وجميع أنواع المراجع والاطالس صارت في متناول الجميع، لدرجة ان الذكاء الاصطناعي صار على الرصيف مثل اللوز الأخضر بداية الربيع. كثرت محركات البحث ولكن اليقين غاب، وتسلل الشك في النفوس كما يتسلل البرد من تحت الباب. والجميع يسأل: ماذا سيحدث؟ وبدلا من ان يدرس الصحفيون أنواع الأسئلة الخمس صار عليهم ان يجيبوا على الأسئلة الخمس !
انحرفت المقامات وانحرفت المقالات. انحرفت المهام والوظائف والادوار. وصار رئيس أمريكا يعقد مؤتمرين صحفيين عن غزة كل يوم وقادة العرب وقيادات الشعب الفلسطيني لا يعقدون ولا مؤتمرا صحفيا واحدا !! ولا يقولون شيئا؟
الأسئلة تتسربل من بين يدي الناس كما يتسربل الفجر عند الشفق، لدرجة صرت اقتنع ان السؤال في مثل هذه الحالة هو جواب. مجرد ان تسأل السؤال الصحيح انت تقريبا لا تنتظر الإجابة لأنها ستأتي لوحدها من قلب السؤال الصحيح:
- ماذا عن المرحلة الثانية ومن يحكم غزة بعدها؟
- هل حكومة الدكتور محمد مصطفى قادرة على حكم وإدارة غزة ولماذا لا تحكم وتدير الضفة أولا ؟
- لماذا تريد حماس نسخ تجربة غزة في الضفة؟ وما الذي اعجبها في التجربة حتى تنسخها؟
- هل انتصرنا؟ واذا انتصرنا لماذا نغيب؟
- هل انتصروا؟ واذا انتصروا لماذا يبقون ويبكون؟
- اين ممثل الشعب الفلسطيني "الشرعي والوحيد" ولماذا لم يتم دعوته الى قمة الرياض؟
لماذا تعقد قطر مؤتمرا وطنيا لإصلاح منظمة التحرير ولا يعقد العرب مؤتمرا عربيا لإغاثة اهل مخيم جنين ومخيمات طولكرم؟
أمريكا تقطع الدعم المالي عن الأجهزة الأمنية للسلطة الوطنية؟ هل نعتبر 60 مليون سنويا لأجهزة السلطة مقابل 60 مليار لإسرائيل دعما يستحق هذا الثمن؟
من سرق المنخفض الجوي؟ وقبلها، من سرق الوطن؟ ومن سرق القرار الشرعي؟ ومن سرق اللحظة؟ ومن يسرق مستقبل الأجيال؟ من سرق الحلم؟ من الذي انحرف؟ ومن الذي انجرف؟
