اليوم الاثنين 09 يونيو 2025م
يائير جولان يهاجم نتنياهو مجددا .. شعار النصر المطلق أكذوبةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم عدة مناطق في محافظة رام الله والبيرةالكوفية الميليشيا الوظيفية في سياق الإبادة: حين يتكرّر التاريخ بأقنعة جديدةالكوفية مراسلنا: مدفعية الاحتلال تقصف بنايات مدينة حمد شمال غرب خانيونس جنوب قطاع غزةالكوفية تيار الإصلاح يحذر من التعامل مع الميليشيات الإجرامية المدعومة من الاحتلال في رفحالكوفية تطورات اليوم الـ 84 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية دلياني: التعتيم الإعلامي الإسرائيلي جريمة مزدوجة تطمس مأساة غزة وتحمي منظومة الإبادة الجماعيةالكوفية مراسلنا: شهيدان ومصابون في قصف مسيرة إسرائيلية خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونسالكوفية مراسلنا: 3 شهداء ومصابون إثر استهداف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مفترق دولة جنوبي حي الزيتون شرقي مدينة غزةالكوفية 8 شهداء جراء إطلاق الاحتلال النار على المنتظرين للمساعدات غرب رفحالكوفية جيش الاحتلال يقرصن السفينة مادلين ويختطف المتضامنين عليهاالكوفية عشرات الإصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم مخيم الدهيشة جنوب بيت لحمالكوفية قصف مدفعي إسرائيلي على شارع صلاح الدين شرقي مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية "حشد" تدين جريمة القرصنة البحرية بحق سفينة مادلين ومنعها من الوصول لغزةالكوفية إذاعة جيش الاحتلال: يجري حاليا اقتياد السفينة نحو ميناء أسدودالكوفية تحالف أسطول الحرية: القوات الإسرائيلية اختطفت المتطوعين على متن السفينة مادلينالكوفية تحالف أسطول الحرية: الاتصالات انقطعت مع السفينة مادلينالكوفية رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة: إسرائيل تتحمل مسؤولية سلامة الناشطين في القارب مادلينالكوفية كسر الحصار عن غزة: دولة الاحتلال في الغالب ستقود الناشطين في القارب مادلين إلى ميناء أسدود لترحيلهمالكوفية

المحررة البلبول.. طفولة ضاعت بين أروقة سجون الاحتلال

05:05 - 08 مارس - 2022
الكوفية:

نورهان المدهون: حزمت حقيبتها المدرسية ووضعتها إلى جانب سريرها، فلم تغمض عيونها تلك الليلة، وهي تنتظر شروق الشمس، لتنطلق في رحلة شوق إلى زهرة المدائن، فمشاهد مدينة القدس لم تغب عن بالها حيث أشجار الزيتون على طول الطريق تسر الناظرين، وروعة بنائها وطرقاتها وسوقها، ورائحة خبزها المزين بالسمسم.

لم يكن في حسبان نوران البلبول "20 عامًا" من بيت لحم، التي كانت آنذاك طفلة "14 عامًا"، ما حدث لها في الـ 14أبريل/نيسان 2016، عند صراخ مجندة الاحتلال متهمة إياها بحيازة سكين داخل حقيبتها.

تقول نوران مستذكرة اعتقالها، "في طريقي إلى القدس المحتلة برفقة عمتي، تم اعتقالي على الحاجز الشمالي لبيت لحم والمعروف بمعبر -300-، ونجوت من الموت بأعجوبة".

تستكمل بصوت مرتجف، "بمجرد أن رأت المجندة أوراقي، يبدو أنها علمت أنني ابنة الشهيد أحمد البلبول الذي اغتيل عام 2008، لذلك طلبت منى خلع ملابسي على الحاجز وعلى مرأى الجميع بحجة التفتيش، فرفضت وحدثت مشادة كلامية بيننا، فصرخت المجندة بأعلى صوتها: مخربة تحمل سكينا".

اختلطت الأصوات بين جمهور المتواجدين من الفلسطينيين وهم يصرخون –لا يوجد سكين- وبين جنود مدججين بالسلاح ومصوبين أسلحتهم نحو الطفلة نوران، والتي كادت أن تفقد صوابها من هول المنظر.

تشاركها والدتها سناء البلبول الحديث مستحضرة الموقف، "عندما وصلني خبر اعتقالها، ظننت أنهم أطلقوا النار صوبها وأعدموها، كدت أن أفقد عقلي حينها وسارعت في الذهاب إلى مكان اعتقالها".

تلتقط أنفاسها متنهدة مستذكرة قول العمة، "أخذوا نوران مني"، وتستكمل الأم، "حين وصلت لمكان اعتقالها وسألت الجنود عنها، تعاملوا معي بوحشية وقاموا بإهانتي، فصرخت -أريد أن أري ابنتي أو أموت هنا-  فقام أحد الجنود بضربي بالبندقية وركلي برجله، فاستجمعت قواي وعدت للبحث عن محامِ ".

سلطات الاحتلال تحرم الأطفال الأسرى من أبسط الحقـوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، والاتفاقيات الحقوقية، وهذه الحقوق تشتمل: الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، والحق في معرفة سبب الاعتقال، والحق في الحصول على محامٍ، وحق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق في الاعتراض على التهمة والطعن فيها.

" إنتا وإسرائيل تحت رجلي.. راح نتعكز على بعض"هذا ماردت به نوران على ضابط الشاباك الإسرائيلي أثناء التحقيق معها، حيث هددها باعتقال والدتها وأخويها، وأخبرها أنه يصيب الشباب الفلسطيني بأرجلهم كي يتركهم معاقين، وذلك قبل أن يحولها إلى المسكوبية، مضيفًا لها تهمة جديدة وهي تهديد أمن إسرائيل.

تردف نوران، "أمضيت أسوأ أيامي في التحقيق، أمام 4 محققين لا شفقة ولا رحمة في قلوبهم، خلال 18ساعة لم يقدم لي طعام أو شراب، وكلما غلبني النعاس ركلوني بأقدامهم لإيقاظي ".

تبتلع ريقها وتستأنف، "وضعوني في غرفة باردة، مكبلة اليدين، وأحضروا صور والدي الشهيد وهو مضرح بالدماء وأخبروني أنهم قتلوه وسيقتلونني وعائلتي ".

الاحتلال لا يراعي حداثة سن الأطفال أثناء تقديمهم للمحاكمة ولا يشكل لهم محاكم خاصة، بالإضافة إلى أنه يحدد سن الطفل بما دون الـ16 عامًا، وذلك وفق الجهاز القضائي الصهيوني الذي يستند في استصدار الأحكام ضد الأسرى الأطفال إلى الأمر العسكري رقم "132"، والذي حدد فيه سن الطفل بمن هو دون الـ16عامًأ، وفى هذا مخالفة صريحة لنص المادة رقم "1" من اتفاقية الطفل والتي عرفت الطفل بأنه "كل إنسان لم يتجاوز الـ18".

تصف نوران حافلة النقل البادرة المظلمة، بـ"ثلاجة الموتى"، قائلة، "وقفت أصرخ من شدة الألم والبرد على الرغم من ارتدائي جاكيت مصلحة السجون، فأطل أحد الجنود برأسه من الشباك، وسألني: ماذا تريدين؟، رأسي يؤلمني ولا أستطيع الوقوف، فرد: إخرسي، فقمت بشتمه، فانهال عليا بالضرب والشتائم وقام بشد الكلبشات "القيود" على يدي وأوقعني أرضًا".

يخيم الصمت قليلًا، وتستأنف الوالدة سناء، "لم يكتفي الاحتلال بسلب حرية طفلتي الصغيرة نوران، بل قام جنوده برفقة الكلاب، باقتحام منزلي وتفجير الباب، والعبث بكل ممتلكاتنا واعتقال ولداي محمد ومحمود البلبول، اعتقالًا إدرايًا دون توجيه أي تهم".

تكمل بنبرة ملؤها الأسى والحزن، "لحظة اعتقال ولداي، لم أتمالك أعصابي طلبت من الجنود أخدي إلى السجن مع أبنائي، فما كان من الجندي إلا أن يرمقني بنظرات الخبث والشماتة، قائلًا: سأجعلك تمضين عمرك بين السجون لزيارتهم، وبالفعل أمضيت أشهر عديدة بين السجون والمحاكم والمحامين ".

تتدخل نوران، "عند سماعي خبر اعتقال أخواي، بكيت وتألمت وصرخت حتى جاؤوا السجانين واعتدوا عليَ داخل السجن، ولم أجد سوي الأسيرات يخففن عنى الصدمة".

تعود نوران إلى ذكريات السجن، حيث ضيق المكان وانعدام الخصوصية والحشرات التي تعيش بينهم قائلة، إنها" 4 أشهر من العذاب داخل جدران كئيبة، وأكثر ما يدمي القلب الإهمال الطبي، فالأسيرات مريضات وجريحات ومصابات، يصرخن ويتألمن ولا أحد يهتم، وعندما يتم نقلهن للمستشفى، يُنقلن بالحافلة التي تشبه ثلاجة الموتى مكبلان الأيدي".

القوانين الدولية تنص على ضرورة الرعاية الطبية للأسرى وقد جاء في المادتين 91 و92 من اتفاقية جنيف الرابعة، "يجب أن تتوفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل، وأن يحصل المعتقلون على ما يحتاجونه من رعاية طبية".

بتنهيدة الوجع تستأنف نوران، "كانت فرحتي منقوصة عندما تم الإفراج عنى، فوجود أخواي في الأسر بقي كالجرح النازف".

بنبرة الفرح والانتصار ترد والدة الأسري المحررين، "اكتملت الفرحة بالإفراج عن محمد ومحمود بعد قضاءهم 6 أشهر من الاعتقال الإداري، واحتجاجهم بالإضراب عن الطعام 82 يومًا".

بصوتهم الشجي تردد الأم وطفلتها الأسيرة المحررة نوران البلبول الأغنية الوطنية المفضلة لدى العائلة، "لو رحل صوتي ما ترحل حناجركم، عيوني على بكرا وقلبي معاكم".

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق