غزة: قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال إن العمليات التي نفذتها كتائب القسام مؤخرًا شرق جباليا والشجاعية كانت ردًا طبيعيًا على العدوان الإسرائيلي، نافياً أن تكون قد أثرت سلبًا على مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة. وأكد أن المقاومة لا يمكن أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام قوات الاحتلال التي تخترق حدود القطاع، مشيرًا إلى أن حماس تستجيب حاليًا لمسعى قطري بهدف جسر الفجوة في مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
وأشار إلى أن استهداف سيارة عسكرية إسرائيلية في جباليا أدى إلى مقتل ثلاثة جنود وإصابة آخرين، واشتباكات أخرى في الشجاعية أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة اثنين. وتساءل نزال عن سبب توقع الاحتلال أن تقف المقاومة مكتوفة الأيدي أمام عمليات عسكرية إسرائيلية داخل القطاع، معتبرًا أن الرد الطبيعي والمشروع كان التصدي لتلك القوات.
وأوضح أن الحديث عن تأثير سلبي للعمليات الأخيرة على المفاوضات غير دقيق، لأن نجاح العملية التفاوضية يتطلب تغيير موازين القوى سياسيًا وعسكريًا، وهي أمور تحتاج إلى القوة والصلابة، لأن الاستسلام والاستجداء يزيدان من تعنّت الاحتلال. ولفت إلى أن تجربة اتفاق أوسلو تشكل عبرة في هذا السياق.
وعن الجمود في المفاوضات، بيّن نزال أن الظروف لم تنضج بعد لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، موضحًا أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفاءه لا يرغبون بإنهاء الحرب لأنهم لم يحققوا أهدافهم الاستراتيجية، سواء بتهجير الفلسطينيين أو تفكيك المقاومة أو فرض سلطة عميلة في غزة. وأضاف أن نتنياهو ووزير المالية ووزير الأمن القومي يرون في استمرار الحرب سبيلًا للبقاء في الحكم.
وأكد أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هو الوحيد القادر على فرض وقف الحرب لو أراد، كما أشار إلى ضرورة وجود موقف عربي وإسلامي حاسم يستخدم أوراق ضغطه ضد نتنياهو، لكن هذه العوامل لم تنضج بعد لاتخاذ قرار وقف الحرب. وذكر أن ترامب كان عاملاً حاسمًا في اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه في يناير الماضي، عبر ضغوطه على نتنياهو، لكنه في الوقت نفسه أكد أن نتنياهو كان ينوي إفشال الاتفاق منذ البداية ورفض الاستمرار فيه.
وشدد نزال على عدم الاعتماد على أي عامل خارجي غير مملوك، بل على الإيمان بالله أولاً ثم عدالة القضية ومشروعية المقاومة والسلاح الذي أبقى المقاومة صامدة رغم الفارق العسكري الكبير. وأضاف أن الحركة تخوض معارك في الجبهات العسكرية والسياسية والإعلامية والقانونية، ما أدى إلى تحسن في المواقف الأوروبية وفتح حوار مباشر مع الإدارة الأميركية لأول مرة منذ تصنيفها لحماس كمنظمة إرهابية.
وبخصوص مقترح وقف إطلاق النار الذي قدمه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، قال نزال إن حماس لم ترفضه بشكل كامل، بل قبلته كإطار للتفاوض مع ملاحظات جوهرية، طالبة أن تكون الولايات المتحدة وسيطًا نزيهًا غير منحاز كما في السابق. ولفت إلى تحفظ الحركة على بعض بنود المقترح، خصوصًا أن وقف النار المقترح لفترة قصيرة (أسبوع واحد) مع إطلاق الأسرى في البداية قد يمنح نتنياهو ذريعة لاستئناف العدوان.
وأضاف أن حماس لا تريد الوقوع في نفس الخطأ مرة أخرى مع نتنياهو المراوغ، وانحازت إلى شعبها الذي يريد وقف نزيف الدم، مؤكداً استمرار السعي لتحقيق ذلك. وأكد أن الحركة تكرر شروطها لاتفاق وقف إطلاق النار، والتي تشمل وقف الحرب، تدفق المساعدات، وإعادة الإعمار.
يُذكر أن المقترح يتضمن وقف إطلاق نار لمدة 60 يومًا، وإطلاق سراح 28 محتجزًا إسرائيليًا من الأحياء والأموات خلال الأسبوع الأول، مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين ورفات الشهداء، إضافة إلى إرسال مساعدات فور توقيع الاتفاق، وإفراج الحركة عن 30 محتجزًا آخر بمجرد بدء سريان وقف دائم.
وأشار إلى أن قطر ومصر تعتزمان تكثيف جهودهما لتجاوز العقبات في المفاوضات بعد اعتبار واشنطن رد حماس على المقترح غير مقبول. وختم نزال بالقول إن حماس لم تغلق الأبواب أمام أي جهة تسعى لوقف الحرب، وأنها تتجاوب حاليًا مع المسعى القطري الجديد لجسر الفجوة، وستواصل المقاومة المسلحة في الوقت ذاته الانخراط في الجهود السياسية لوقف العدوان.