لم تكن زيارة رئيس الديوان الملكي، رجل المهمات الإنسانية النبيلة، المكلف بتأدية الواجب الوطني، إلى عاطف الطراونة، لمجرد الاطمئنان على صحته، ونقل التحيات إليه، من قبل رأس الدولة وولي العهد، لم تكن مجرد زيارة واجبة، وهي كذلك، بقدر ما كانت تحمل من التقدير لمكانة الرجل تذكيراً بتاريخه، عززها رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، كزميل سابق، رئيساً ونائباً، بزيارة مماثلة، ومتكررة، معبرين عن انحيازات رسمية فائقة المستوى، لما يستحقه أبو الليث.
نضال البطاينة، وصفه على أنه رجل الدولة «state man» للدور الذي اداه رئيسا لمجلس النواب، وحفظ الكرامات، مذكراً بواقعة أن أحد النواب « قرفص» أو «انحنى» أمام أحد الوزراء وهو يجلس على كرسيه، فوبخ الرئيس الطراونة النائب، مذكراً أن النائب لا يقل أهمية وأداء عن الوزير.
كثيرون كتبوا عن عاطف الطراونة، دالين على ما يتمتع به الرجل من حضور واحترام، ساعين للاطمئنان عليه، حاملين الدعاء له بالشفاء واستعادة عافيته كما يستحق، وكما يتمنى هو وكل من عرفه وتعامل معه والتقاه.
كل منا كإنسان يمكن أن يتعرض للمرض، لوعكة، تطول أو تقصر، ولكن يقظة القائمين على مؤسسات الدولة في انحيازها ليس فقط للدور الوظيفي، للمسؤول، بل للدور الإنساني المطلوب لكل من كان في موقع وأدى واجبه، وأُحيل للتقاعد، فهو يحتاج للرعاية ليس فقط الصحية، والتأمين اللائق، والضمان الاجتماعي المناسب، بل أيضاً للتقدير الإنساني الرفيع.
عاطف الطراونة رجل الدولة كما أطلق عليه نضال البطاينة، لم «يرقد» بل ما زال في موقع الحركة والانشغال في العمل العام، ولكنه نموذج للإنسان المهني الذي أدى واجبه، حينما تطلب الواجب، وتفوق في العطاء والولاء والأداء، والأصيل لا يحتاج إلى ضجيج، كما قالها د. إخليف الطراونة، في تقييمه ووصفه.
الشيء الأكيد أن هنالك العديد من الذوات المحترمة التي تستحق الاهتمام، كما يفعل رئيس الديوان الملكي يوسف العيسوي، مع هذا القطاع من شخصيات المجتمع الأردني، ليس فقط لمكانتهم، بل لعائلاتهم، ولتوصيل رسالة رأس الدولة وولي العهد، أن التقدير لا يقتصر على من هو في موقعه الوظيفي، بل بعد أن تنتقل الذات الوطنية من مهامها الوظيفية إلى الاستراحة المستدامة الواجبة، أو المؤقتة.
نتباهى ببلدنا، بشعبنا، بنظامنا، وبالقيم التي تجمعنا وتربطنا أخلاقاً وتراثاً وواقعاً ومستقبلاً، وهذا أحد أسباب نجاح استقرار الأردن وأمنه وديمقراطيته وتعدديته.