يبدو أننا نحاول النسيان وعدم تذكر حياتنا السابقة وذكرياتنا، والخوف من الوقوع في الماضي، وأوجاع فقدان الابن وتدمير البيوت والذكريات، ربما نتعمد ذلك. صباح اليوم ذكرتني ابنتي يافا بأن العيد الأضحى المبارك على الأبواب، بعد أيام قليلة.
والوقت من دم وموت وخراب، والحديث البارد والسخيف على الاعلام والفضائيات، ومن يتحمل المسؤولية الاخلاقية والوطنية عما تبقى من أرواح وذكريات وممتلكات وأملاك؟
وظلام يسود ولم يعد لدي كلمات لوصف شعور الرعب، ومشاهد الصور تحرق روح الإنسان. ولم تعد القلوب تنبض. والتصريحات من مسؤولي حركة حماس، وعدم قبول حل جزئي لوقف الإبادة، وكان بالإمكان أفضل مما كان،
99 شهيداً منذ منتصف الليلة حتى صباح اليوم الأحد. وليالي الفلسطينيين الدامية في قطاع غزة، والقتل الجماعي في الخيام والمستشفيات وتدمير ما تبقى من مبان، ومعاناة الجوع والعطش. والجثث ملقاة في الشوارع والخوف يدفع الناس للهرب، وعدم القدرة على دفنهم والهروب للنجاة من الموت. والنقص الشديد في الأكفان المتوفرة، لدفن جثامين الشهداء بكرامة.
تعتقد حركة حماس أنها حققت انجازاً بالتواصل مع الإدارة الامريكية والوعود التي تلقتها بعد الافراج عن الأسير الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر وأنها امتلكت الحل والسلامة. كما تعتقد أنها تملك القوة لحماية غزة ومنع الاحتلال الإسرائيلي من إعادة احتلال فطاع غزة بالكامل.
العملية العسكرية الإسرائيلية مستمرة قبل مغادرة ترامب، في وقت تتعمق المجاعة الجماعية في القطاع، واستشهاد مئات الفلسطينيين خلال الأيام الماضية جراء القصف الجوي الإسرائيلي وتشريد الفلسطينيين.
في حين إن الرأي العام الإسرائيلي غير مبال لحياة الاسرى الإسرائيليين وغير مؤثر، إلى حد كبير كذلك بعواقب الحرب على معاناة الفلسطينيين في القطاع، والتي تتفاقم بشكل كارثي وتوسع العملية البرية، وفرض القيود والحصار الشديد على دخول المساعدات الإنسانية.
نتنياهو يرفض التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى وإنقاذ المختطفين الإسرائيليين. وإذا قرر نتنياهو الاستجابة لمطالب ترامب ووقف الحرب، فإن الائتلاف اليمني المتطرف الحاكم الذي يضغط لاستمرار الحرب واحتلال القطاع والاستيطان فيه ستسقط الحكومة.
يبدو أن حماس كما المجتمع الدولي لم يسمعوا تصريحات عضو الكنيست تسفي سوكوت (الصهيونية الدينية) على قناة 12 أن "الجميع اعتادوا بالفعل على حقيقة أنه من الممكن قتل مائة من سكان غزة في ليلة واحدة في الحرب، وهذا لا يهم أحداً".
وهذا ما يحدث بالفعل في خلال هذه الأيام، وهذا يوضح أن ما يجري من مجازر تمثل اتجاهات مرعبة في دولة السياسة الحكومية الإسرائيلية.
وما زالت حركة حماس تعتمد على تدخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرص وقف الحرب، والأمل في أن يواصل اهتمامه بما يحدث في غزة. ترامب الذي قال صباح أمس السبت، إنه ليس منزعجا من تحركات نتنياهو، ووصفه بأنه "رجل غاضب يعيش في وضع صعب" منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
ترامب الذي يتحدث يومياً إلى وسائل الإعلام، لكن المشكلة تكمن في فرز المعلومات الحقيقية من التصريحات المتعددة، والمتناقضة في بعض الأحيان، ومحاولة تقييم نواياه، مع العلم أنها قد تتغير من يوم لآخر.
ترامب الذي قال ايضاً، "نحن نراقب غزة وسنعتني بها، هناك الكثير من الناس يتضورون جوعاً". كما تحدث وزير خارجيته ماركو روبيو هاتفيا مع نتنياهو الخميس الماضي، وقال إن الإدارة "قلقة بشأن المعاناة في غزة". ربما تشير كلمات روبيو أيضًا إلى خطورة الوضع في القطاع: لكن الآن، لم تُظهر إدارة ترامب أي اهتمام يُذكر بهذه القضية.
وتناثرت أمس السبت المعلومات المتناقضة حول استئنافا المفاوضات في قطر بين الطرفين بوساطة قطر، في ظل استمرار الإبادة والعملية العسكرية الإسرائيلية في الخلفية.
وما زالت حماس تتوقع أن يقرر ترامب التدخل، وكأنه المسيح المنتظر، والعالم وقادة العرب اللذين اجتمعوا في بغداد، بعد نحو 20 شهراً يعبرون عن قلقهم عن استمرار الابادة والمعاناة تفتك بالفلسطينيين، وقلقهم لا يساوي الحبر الذي كتبت فيه. تستطيع حركة حماس سحب الذرائع وتحمل المسؤولية، في ظل استمرار حرب التضليل والكذب والخراب والدمار.