ومن صليب الألم يُبعَث الأمل، ويأتي الخلاص، وتنتهي فصول العذاب والمعاناة، ويسقط الطغاة في قيامة الحق والرجاء، ويعمّ العدل، ويَسْكُتُ الظلم، ويعلو صوت الحق في أرض الحقيقة.
ومن بين ثنايا الألم ينبت الأمل، حين ينتصر الحق وتنتصر الإنسانية على الإرهاب والتطرف والعنصرية البغيضة.
إنها جمعة الفلسطيني الذي يعيش هذه الأيام تحت نيران القصف والقتل والدمار، مع استمرار حرب الإبادة الجماعية التي لم تتوقف، بل تستمر بكل أدواتها وفعلها الذي لم يُبقِ شيئًا صالحًا للحياة، وقد دمّرت كل شيء وجعلت غزة قطعةً من خراب.
إنها جمعة الفلسطيني الذي يموت تحت ركام القصف والدمار، في عراء الطريق والنزوح، جوعًا وقصفًا، وسط عذاب يومي، وسياسة تطهير عرقي ممنهجة مستمرة بينما العالم يواصل صمته، وهو يشهد المقتلة ولا يتحرك لوقفها، وهو ما نشهده من ضعف عالمي ودولي وجبن في أروقة هيئات الامم.
إنها جمعة الخلاص من الظلم والاضطهاد، وجمعة الحزن والغضب، وجمعة الموت الذي يبشر بالقيامة.
جمعة القيامة ليست نهاية، بل بداية لحياة جديدة تُبنى على أنقاض الألم، وتقوم من رماد الخراب، وتُولَد من رحم الصبر والصمود كالعنقاء. هي جمعة الفلسطيني الذي لا يزال يُؤمن أن في كل موتٍ حياة، وفي كل وجعٍ رجاء، وفي كل دمارٍ وعدٌ بالإعمار، ومع كل شهيدٍ نبضٌ جديد للحياة.
هي جمعة الذين لا يُغادرون أوطانهم حتى وهم يُغادرون الحياة، الذين يدفنون أبناءهم بيد، ويرفعون راية الصمود باليد الأخرى، الذين يرسمون وجعهم على جدران البيوت المهدمة، ويكتبون أسماءهم في سفر الكرامة والبطولة.
إنها جمعة المعنى الإنساني الأعلى: أن يُصلَب الحق فلا يموت، وأن يُدفَن الحلم فلا يُنسى، وأن يُبعث من بين الأنقاض صوتُ الحياة، وأن تبقى غزة، رغم الجراح، تكتب سفرها بحبر من دماء الشهداء، وتقول للعالم: "هنا باقون"