اليوم الاثنين 09 يونيو 2025م
تطورات اليوم الـ 84 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية مراسلنا: شهيدان ومصابون في قصف مسيرة إسرائيلية خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونسالكوفية مراسلنا: 3 شهداء ومصابون إثر استهداف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مفترق دولة جنوبي حي الزيتون شرقي مدينة غزةالكوفية 8 شهداء جراء إطلاق الاحتلال النار على المنتظرين للمساعدات غرب رفحالكوفية جيش الاحتلال يقرصن السفينة مادلين ويختطف المتضامنين عليهاالكوفية عشرات الإصابات برصاص الاحتلال قرب نقطة توزيع المساعدات وسط قطاع غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم مخيم الدهيشة جنوب بيت لحمالكوفية قصف مدفعي إسرائيلي على شارع صلاح الدين شرقي مخيم النصيرات وسط قطاع غزةالكوفية "حشد" تدين جريمة القرصنة البحرية بحق سفينة مادلين ومنعها من الوصول لغزةالكوفية إذاعة جيش الاحتلال: يجري حاليا اقتياد السفينة نحو ميناء أسدودالكوفية تحالف أسطول الحرية: القوات الإسرائيلية اختطفت المتطوعين على متن السفينة مادلينالكوفية تحالف أسطول الحرية: الاتصالات انقطعت مع السفينة مادلينالكوفية رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة: إسرائيل تتحمل مسؤولية سلامة الناشطين في القارب مادلينالكوفية كسر الحصار عن غزة: دولة الاحتلال في الغالب ستقود الناشطين في القارب مادلين إلى ميناء أسدود لترحيلهمالكوفية كسر الحصار عن غزة: نخشى على سلامة المتضامنين على متن القارب مادلين بعد سيطرة قوات الاحتلال عليهالكوفية تحالف أسطول الحرية: الجيش الإسرائيلي صعد على متن السفينة مادلين وانقطع الاتصال بالسفينةالكوفية القوات الإسرائيلية تسيطر على القارب مادلين وانقطاع الاتصال بالصحفيينالكوفية القوات الإسرائيلية تحاصر القارب مادلين وتطالب الناشطين بالاستسلامالكوفية إذاعة جيش الاحتلال: إذا لم تستجب السفينة لنداء سلاح البحرية سنسيطر عليها بالمياه الدوليةالكوفية تحالف أسطول الحرية: السفينة مادلين المتجهة إلى غزة تتعرض لهجوم في الوقت الراهن في المياه الدوليةالكوفية

بـيـروت الـتـي نـحـب!

08:08 - 09 أغسطس - 2020
أكرم عطا الله
الكوفية:

لن تكف بيروت عن إيلامنا كأنها مخزن للحزن الذي لا ينتهي في هذه المدينة التي تعاقدت مع الدم والموت والدمار كمشهد اصبح الأكثر ضياعا في عقودها الأخيرة، هي المدينة الصغيرة التي تحشو في شوارعها تاريخا من الموت فاض عن مساحتها أو كأنها تدفع ثمن هذا التاريخ على دفعات لن يكتب لها نهاية.

حين يتوقف الأعداء عن إيلامها تستولد ألمها من بطنها، وذلك منذ أن تحول هذا التعدد النادر إلى نقمة بعد أن كان نعمة الله لهذه المدينة التي كانت وجهة مثقفي الشرق لتتحول إلى مدينة كئيبة طاردة لم تعد تحمل غير الفقر والفوضى وحافة الانهيار التي أخرجت شعبها الهادئ للشوارع يدلق ما فيه من غضب تراكم في أزقتها.

لماذا بيروت الحزينة.. هي باريس الشرق وكأنه كان كثيرا عليها أن تخلع ثوبنا الرتيب وتقلع بنا نحو حداثة كأنها كانت تريد أن تأخذ بيدنا أبعد من إرثنا الدامي حين قطعت مع تاريخنا الغارق في بداوة كانت غادرتها بيروت الجميلة، كيف حدث وأن يعود هذا التاريخ بكامل اثقاله على جسدها الذي لا يحتمل كل هذا العنف؟.

لبيروت السلام الذي كان أمنية العاشقين والفنانين والثوريين والقصائد التي دبجت بهذه المدينة التي تنام بين أمواج «المتوسط»، كم كانت ملهمة لكل من كتب عنها شعرا ونثرا وقصيدة تغزلت بروحها، فللمدن روح وبصمة، ولأنها بيروت بقيت وروحها حية بعد كل مأساة ضربتها وبعد كل الطلقات التي أصابت أقدامها كانت تعود لتقف من جديد على ألحان الأغاني وناي الرعاة.

لبيروت رائحة لا تشبه المدن الأخرى، ولبيروت مجد لم تتزين به عاصمة أخرى، وللفلسطينيين حصة من بيروت حين كانت خيمتهم ونجمتهم التي أضاءت عتمة زمن كان مكللا بالخيبات والنكبات التي كانت تحيط بهم من كل الاتجاهات، فكتبت صمودهم على جسدها بما ألقى عليه من حمم دون أن يسمع الأعداء أنينها الخافت بل أغنيات النصر من بين الركام.

لم تنكسر بيروت رغم كل الضربات التي كانت تكفي لأن تعلن كبرى العواصم رايات استسلامها، لكنها في كل مرة كانت ترفع شارة النصر من بين الأنقاض وتعود للحياة لأنها لا تملك ترف الموت بكل هذا التاريخ المرصع بالحماسة. فهي لا تشبه العواصم لأن لها رائحة أخرى لا يعرفها إلا من كان بها وسار في شوارعها وتوقف أمام عصر كان يعلن ميلادنا في الفاكهاني قبل أن تنطفئ جذوة الحلم.

زرتها قبل أكثر من عقد ونصف العقد. كانت الزيارة الأولى لمدينة أحفظها على الورق عن ظهر قلب، كانت الطائرة تبدأ الهبوط فوق المدينة وكان صوت المضيفة يعلن الاقتراب من مطار بيروت وكانت أنوار المدينة تحتضن ذكرى كل الذين مروا هناك وكتبوا رواياتهم وقصائدهم وكل المناضلين الذين كتبوا بإرادتهم أيضا. تذكرت ما قاله محمود درويش «بيروت خيمتنا الأخيرة» هي التي أهدت العرب انتصارا قبل عقدين حين أعطتهم صورة الجندي «الذي لا يهزم» هاربا في محاولة لإعادة صياغة العقل العربي من جديد فهي العاصمة الوحيدة التي سجلت هزيمتهم ...شكرا بيروت الجميلة.

حزين أنا على بيروت التي تقمصت للحظة دور هيروشيما حين انفجرت دمعتها من البحر كعادتها في الانفجارات لأنها لا تعرف الهدوء ولا السكينة حين غطتها سحابة الموت الرهيبة، من كان هناك لم يصدق أنه خرج حيا ولم يصدق أن بيروت ستعود للحياة ولكنها كعادتها أيضا التي احترفتها فهي تمسح دموعها بسرعة وتمسد شعر أبنيتها دون انتظار الرحمة من أحد، فقد اعتادت على الوحدة منذ جربت كل العواصم التي لولاها كما قال درويش لما كانت بيروت ثكلى.

ستنتصر بيروت وتقف من جديد لأنها ترفض أن تموت كما صرخت ذات يوم أبنية حجارتها العتيقة، وهذا هو سرها وسحرها أن الحياة في تلك المدينة أقوى كثيرا من الموت ولأن إرادتها أقوى كثيرا من أن ترفع راية بيضاء وهنا رهان من خابت آمالهم بتركيع بيروت وإضعافها لأن بيروت الضعيفة تحرج الجميع حين لا تكف عن التحدي.

نحن ندين لبيروت بجزء عاطفي من تاريخنا وتاريخها المثقل بالوجع وبالفخر الذي أصبح هوية لن تتجرد منها بيروت رغم الحالمين بابتزازها بعد مأساتها الأخيرة، وكل الذين يعتقدون أنهم سيقتنصون فرصة الدم النازف من خاصرتها ولم يقرؤوا تاريخها وماضيها وحاضرها لأن بيروت هي بيروت وليست أخرى.

قلبي على بيروت وناسها وشوارعها ومبانيها وواجهات مطلة على البحر كانت ذات يوم تتلقى حمم البوارج واليوم، فهي شيء آخر. وفي كل مرة تتحول المدينة إلى ركام ثم تعود واجهات زجاجية تقاتل وتغني وتجوع وترقص وتتألم وتعزف وتحزن وتفرح لكنها لا تساوم على كبريائها في ذروة الألم. ومن يعرف بيروت جيدا يعرف ذلك ستعود بيروت أقوى فالمؤشرات قبل المأساة تقول ذلك، هي بيروت التي نحب وكما غنت فيروز من قلبي سلام لبيروت.

 

الأيام

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق