متابعات: واجهت تصريحات رئيس الوزراء البلجيكي، “بارت دي ويفر”، موجة من الانتقادات الحادة من قبل عدد من الأحزاب السياسية البلجيكية، والمؤسسات الحقوقية والدولية، بعد إعلانه أنه لن يتم اعتقال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في حال زيارته إلى بلجيكا.
ودعا حزب العمال البلجيكي إلى عقد اجتماع عاجل في البرلمان، لمناقشة تداعيات هذه التصريحات، واصفًا موقف دي ويفر بأنه يُقوّض من التزامات بلجيكا القانونية والدولية. وقد لاقت هذه التصريحات انتقادات واسعة من أحزاب الأغلبية والمعارضة على حد سواء، واعتُبرت مؤشرا على تحول كبير في السياسة الخارجية البلجيكية.
وفي تصريحات صحفية قال النائب في البرلمان البلجيكي من أصل مغربي، نبيل البوكيلي: “تصريحات رئيس الوزراء تتناقض تماما مع الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني، وتتجاهل خطورة ما يحدث في غزة من إبادة جماعية”. وتساءل البوكيلي: “كيف يمكن لبلد يدّعي احترام القانون الدولي أن يستقبل شخصا صدرت بحقه مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية؟”.
وأكد البوكيلي أن هذا التصريح يمثل خرقا واضحا لالتزامات بلجيكا القانونية، ويكشف عن تواطؤ سياسي مع الاحتلال الإسرائيلي. وأضاف: “هذا الموقف يُظهر أن الحكومة البلجيكية، وتحديدا حزب التحالف الفلمنكي الجديد، يقف بشكل صريح إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي المسؤول عن الإبادة في فلسطين”، بحسب “قدس برس”.
كما أشار إلى أن هذه التصريحات تتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان، وتكشف ازدواجية المعايير في التعامل مع قضايا القانون الدولي. وتابع: “نرى مواقف صارمة عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا أو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، لكن حين يتعلق الأمر بفلسطين، تتجاهل الحكومة البلجيكية قرارات المحكمة الدولية”.
وأشار البوكيلي إلى أن بلجيكا والاتحاد الأوروبي ليسا أطرافا محايدة في الصراع، بل تجمعهما اتفاقيات شراكة اقتصادية وتجارية مع إسرائيل، تجعل منهما داعمين فعليين للمجهود الحربي الإسرائيلي. وقال: “الاتحاد الأوروبي شريك اقتصادي أساسي للكيان الإسرائيلي، وهذا يعني أنه متورط ماليا بشكل مباشر، سواء عبر التجارة أو تصدير الأسلحة”.
وفي السياق ذاته، قال البوكيلي إن “30% من واردات الأسلحة الإسرائيلية تأتي من ألمانيا”، وإن موانئ أوروبية، مثل ميناء أنتويرب، تُستخدم لنقل الأسلحة بكميات كبيرة. وطالب بفرض عقوبات فورية على إسرائيل، وفرض حظر عسكري شامل، وتعليق اتفاقية الشراكة الأوروبية معها.
وأشار إلى أن هذه التصريحات تعكس سياسة خطيرة قائمة على نزع الصفة الإنسانية عن الضحايا الفلسطينيين، محذرا من أن استمرار هذا التوجه يعني تواطؤا أوروبيا واضحا في الجرائم المرتكبة في غزة.
وقالت أحزاب بلجيكية معارضة بأن تصريحات “دي ويفر” “تضع بلجيكا خارج المنظومة القانونية الدولية”، معتبرة أن بلجيكا تنضم بذلك إلى الدول التي ترفض تنفيذ قرارات العدالة الدولية.
كما أدانت جمعيات فلسطينية ناشطة في بلجيكا هذه التصريحات بشدة، واعتبرتها مخالفة صريحة للقانون الدولي وميثاق روما، ولا تعكس الموقف الشعبي البلجيكي الداعم للحقوق الفلسطينية.
وفي السياق ذاته، صرّح الخبير القانوني كارم نشوان بأن أقوال رئيس الوزراء البلجيكي “غير مسؤولة”، وتخالف التزامات بلجيكا كدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية. وأوضح أن المحكمة أصدرت مذكرة توقيف قانونية تُلزم الدول الأعضاء، بما فيها بلجيكا، باعتقال أي شخص مدان بارتكاب جرائم حرب عند دخوله أراضيها.
وأضاف نشوان أن “دي ويفر يبدو غير مدرك لحقيقة أن المجر، على لسان رئيس وزرائها فيكتور أوربان، أعلنت نيتها الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، وهو ما يتطلب تصويتا من البرلمان المجري، بينما بلجيكا لم تتخذ مثل هذا المسار، بل تؤكد التزامها بالمحكمة”، وفقا لقدس برس.
وشدد نشوان على أن “استقبال نتنياهو دون اعتقاله سيكون خرقا فاضحا لالتزامات بلجيكا الدولية، ويشكك في مصداقية العدالة الدولية برمتها”. وختم بالتأكيد على أن الجاليات العربية والمسلمة، إلى جانب قطاعات واسعة من الشارع البلجيكي، ترفض بشكل قاطع هذه التصريحات، وتعتبرها قبولاً غير مباشر بقادة الاحتلال الإسرائيلي، مرتكبي جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
وأصدر قضاة في المحكمة الجنائية الدولية، يوم الخميس 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2024 مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وكانت جنوب إفريقيا رفعت في 29 كانون الأول/ديسمبر 2023 دعوى ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية، على خلفية تورطها في “أعمال إبادة جماعية” ضد الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأصدرت “العدل الدولية” قرارا في كانون الثاني/يناير الماضي يدين أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال ضد الفلسطينيين، وذلك بناء على قضية رفعتها جنوب أفريقيا، وبعدها تفاعلت القضية عالميا وأعلنت دول عدة الانضمام رسميا إلى جنوب أفريقيا أو أعلنت نيتها في ذلك.