في قلب المشهد الفلسطيني، حيث تختلط الحكاية بالدم و الحنين ، ينهض الادب و الدراما كادوات مقاومة و سرد ، تحفظ الذاكرة و تكسر جدران الصمت . ضيفنا اليوم ليس مجرد كاتب ، بل هو حارس للوجدان الجمعي ، و مهندس للحكايات التي تنبض بالهوية ، و تتنفس من تراب الأرض. بين السطور التي يكتبها ، تتسلل ملامح اللاجئين ، و أصوات المدن المحاصرة ، و حنين القرى التي مسحت عن الخريطة و لم تمح من القلب .
في هذا الحوار ، نفتح معه بابا على واقع الدراما الفلسطينية، و ننقب معه عن التحديات ، و نحلم معه بما يمكن أن يكون ... حين تتحول الكلمة إلى مشهد ، و الحكاية إلى وطن .
ضيفنا اليوم روائي و سيناريست فلسطيني ، ولد في مخيم الجلزون في عام 1970 ، وتنقل بين اللجوء و الغرب ، حاملا معه ذاكرة لا تنضب من الحكايات. الف الروايات و كتب للدراما التلفزيونية و السينما و المسرح ، و ترك بصمته في مشهد أدبي و فني يبحث دائما عن صوت . ترجمت بعض اعماله لعدة لغات ، و نال جوائز عربية و دولية ، لكنه يعتبر أن أعظم جائزة له هي دمعة مشاهد ، أو رسالة من لاجئ وجد نفسه بين السطور .
السؤال الأول: من هو سليم دبور ، وكيف يمكنك تعريف نفسك ككاتب فلسطيني ؟
انا سليم دبور، كاتب فلسطيني نشأت في مخيم الجلزون للاجئين في فلسطين . اعتبر الكتابة جزءا من حياتي اليومية ، و وسيلة لاروي قصصا تخص الشعب الفلسطيني ، معاناته ، و آماله . أكتب الادب الروائي ، السيناريو ، والمسرح. هدفي دائما هو تسليط الضوء على القضايا الفلسطينية بطريقة إنسانية تلامس قلب القارئ ، فالادب بالنسبة لي ليس مجرد كلمات ، بل أداة لفهم الإنسان و الواقع الفلسطيني المعقد . منذ بداياتي الأدبية، كان همي الأول الحفاظ على ذاكرة الشعب الفلسطيني ، و على الرغم من كل الصعوبات ، اؤمن أن الادب و الفن هما الوسيلتان الاقوى لرفع صوتنا في و جه العالم .
السؤال الثاني : كيف ترى دور الادب والفن في تعزيز الهوية الفلسطينية في ظل التحديات التي يواجهها الشعب الفلسطينين ؟
الادب و الفن هما الوسيلة الأهم في حفظ الهوية الفلسطينية ، لأنهما يكتبان تاريخ الشعب الفلسطيني و يخبران العالم بقضيتنا العادلة . الكتابة بالنسبة لي ليست مجرد و سيلة للتعبير عن مشاعر شخصية ، بل هي أيضا أداة لمقاومة. من خلال الكلمات ، نتمكن من نقل قصة شعب بأسره، و توثيق معاناته و حلمه بالحرية .
نكتب لأننا نرفض نرفض أن تروى حكايتنا بلسان الآخرين ، نكتب كي يبقى ظلنا واقفا ... حتى لو انكسر الضوء .
السؤال الثالث : في أعمالك الفنية و الدرامية ، كثيرا ما تظهر معاناة الفلسطينيين . هل تعتقد أن الادب يمكن أن يساهم في إيجاد حلول عملية لهذه المعاناة ؟
اعتقد ان الادب لا يقدم حلولا مباشرة ، لكنه يسهم في إدارة الوعي و تعميق الفهم حول معاناة الشعب الفلسطيني . الكتابة تظهر الأبعاد الإنسانية للقضية ، و تدعو العالم للتفكير بشكل أعمق في مصير اللاجئين و الشتات . الفن يمكن أن يلعب دورا محوريا في تغيير نظرة العالم للقضية الفلسطينية ، مما قد يؤثر في القرارات السياسية بشكل غير مباشر .
السؤال الرابع : ما الذي الهمك لكتابة روايتك "صابر " و رواية "الهروب" ، وهل تعكس هذه الروايات تجربتك الشخصية ؟
رواية "صابر " هي انعكاس لمجموعة من القصص الحقيقية التي سمعتها أو عشت جزءا منها . في فلسطين ، كل فرد يحمل قصة مقاومة ، و حياة فلسطيني واحدة قد تعكس تجارب العديد . بينما رواية " الهروب " هي تكملة لرواية صابر التي تكشف المزيد عن معاناة الفلسطينيين في الشتات . هذه الروايات هي وسيلة للحديث عن الواقع الفلسطيني بطريقة فنية ، و لكنني لا اعتبرها مجرد سير ذاتية ، بل هي أداة لربط الحكايات المشتركة في المجتمع الفلسطيني .
السؤال الخامس : كيف ترى واقع الدراما الفلسطينية اليوم ؟ وهل تعتقد انها تمثل الواقع الفلسطيني بشكل كاف ؟
الدراما الفلسطينية ما زالت في طور النضوج، و رغم وجود محاولات جادة ، إلا أنها لم تصل بعد إلى تمثيل شامل للواقع الفلسطيني . جزء من ذلك يعود إلى ضعف الإنتاج و الدعم ، وجزء آخر إلى القيود المفروضة علينا سواء من الاحتلال أو من القيود الداخلية .
السؤال السادس : ما التحديات الأساسية التي تواجه كاتب الدراما الفلسطينية ؟
التحديات متعددة ، اولها قلة المنصات التي تتبنى نصوصا فلسطينية جريئة ، و ثانيها محدودة التمويل .
ناهيك عن الرقابة و شروط الممول التي تفرض على الكاتب أن يوازن دائما بين الصدق الفني و النجاة من المنع أو الرفض .
السؤال السابع : إلى أي مدى يمكن للدراما أن تسهم في تشكيل الوعي الجمعي الفلسطيني ؟
بدرجة كبيرة جدا . الدراما ليست فقط وسيلة ترفيه ، بل هي مرآة تعيد صياغة الذاكرة الجمعية ، و تطرح أسئلة وجودية و هوياتية . هي قادرة على فتح الجراح كما على مداواتها.
السؤال الثامن : ما الفروقات التي تلاحظها بين الدراما الفلسطينية و الدراما العربية الأخرى؟
الفروقات في السياق أكثر منها في الاسلوب . الدراما الفلسطينية مضغوطة بتاريخ طويل من النكبة و النكسة و الحصار ، مما يجعلها أكثر كثافةمن الناحية السياسية و الوجدانية ، و لكنها اقل انتشارا بسبب محدودية الموارد الإعلامية و الدعم العربي لها .
السؤال التاسع : هل ترى أن القضية الفلسطينية يتم توظيفها بشكل كاف في الأعمال الدرامية ؟
ليس بما يكفي . الكثير من الأعمال العربية التي تتناول القضية الفلسطينية تقع في فخ التنميط از الشعاراتية . نحتاج إلى أعمال
أكثر إنسانية، تظهر الفلسطيني كشخص له حياته اليومية ، احلامه ، ضعفه ، قوته ... لا فقط كرمز سياسي .
السؤال العاشر : ما هو حلمك الشخصي فيما يتعلق بالدراما الفلسطينية ؟
أن نصل إلى يوم ننتج فيه مسلسلات او افلام فلسطينية تعرض في مهرجانات كبرى و تترجم لعدة لغات ، و يكون فيه الفلسطيني بطلا عالميا بقصته الخاصة . احلم بدراما لا تشرح نفسها ، بل تشاهد و تحترم كما هي .
السؤال الحادي عشر : إلى أي مدى تعتقد أن الدراما الفلسطينية قادرة على مقاومة النسيان و التشويه المتعمد للتاريخ ؟
الدراما الفلسطينية تملك قوة ناعمة في معركة الذاكرة .
حين توثق القرى المدمرة ، أو تعيد أحياء يوميات اللاجئين ، فإنها تكتب سردية موازية ، بل مناقضة ، لما يروج له في الاعلام الغربي . هذه الأعمال تبقي التاريخ حيا في الوجدان ، وتقاوم محاولات الطمس و التزييف .