اليوم الخميس 24 إبريل 2025م
شهيدان وإصابات في قصف الاحتلال خيمة شمال قطاع غزةالكوفية 18 شهيدا في مجزرة إسرائيلية بقصف منزل شمال غزةالكوفية مستوطنون يهاجمون ممتلكات فلسطينية في سلفيت ويغلون طريقا بالأغوارالكوفية الاحتلال يقتحم كفل حارس شمال غرب سلفيتالكوفية رئيس الموساد في قطر لبحث صفقة الأسرىالكوفية الاحتلال يطلق النار على شاب قرب دوار كفر صور جنوب طولكرمالكوفية 4 شهداء في قصف للاحتلال على مدينة غزةالكوفية قوات الاحتلال تقتحم نحالين غرب بيت لحمالكوفية الخارجية الأردنية: وقف المساعدات على قطاع غزة أدى إلى كارثة إنسانيةالكوفية «الشرقية» تجهّز «يد الأخضر» لكأس العرب في الكويتالكوفية إيدي هاو يعود لتدريبات نيوكاسل بعد تعافيه من التهاب رئويالكوفية قاض أمريكي يمدد قرار حظر ترحيل الناشط الفلسطيني محسن المهداويالكوفية مراسلنا: انتشال جثامين 5 شهداء بعد غارة إسرائيلية على شارع النخيل بحي التفاح شرقي مدنية غزةالكوفية مراسلنا: غارة من طائرة مسيرة إسرائيلية على مخيم البريج وسط قطاع غزةالكوفية 14 شهيداً في قصف مركز شرطة جباليا البلد ومنزلاً بحي الزيتون بمدينة غزةالكوفية الاحتلال يقتحم قرية النبي صالح شمال غرب رام اللهالكوفية مصرع مواطنة بحادث سير في الخليلالكوفية الاحتلال يستولي على شاحنة في الأغوار الشماليةالكوفية المجلس المركزي يواصل أعماله لليوم الثانيالكوفية 50 شهيدا و152 إصابة خلال الـ24 ساعة الأخيرة في قطاع غزةالكوفية

الهوية بين الثابت والمتغير..

12:12 - 06 إبريل - 2025
رامي مهداوي
الكوفية:

يبدو الحديث اليوم عن الهوية أمرًا بديهيًا نظرًا لشيوع استخدامه في الخطاب اليومي، لكنه يظل مفهومًا معقدًا يخضع لتأثيرات متعددة، بما في ذلك المتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وفي السياق الفلسطيني، لا يمكن تناول الهوية بمعزل عن الأحداث الجارية في قطاع غزة وطولكرم وجنين، حيث تشكل هذه الأحداث تحديًا جوهريًا لمفهوم الهوية الجماعية للفلسطينيين.

لطالما كانت الهوية الفلسطينية متأرجحة بين الثبات والتغير، فهي في جوهرها تعبر عن تطابق الذات مع تاريخها ونضالها، لكنها في ذات الوقت تخضع لتحولات نتيجة السياسات الاحتلالية، والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية. ففي قطاع غزة، على سبيل المثال، نجد أن الهوية الفلسطينية تمر بمرحلة صراع حاد بين البقاء في ظل القصف والحصار، وبين محاولات الحفاظ على التماسك الاجتماعي والوطني رغم النزوح والتدمير المتكرر. إن انعدام الأمن، وتهديد الحياة اليومية، وتفكك البنى التحتية لا تترك مجالًا للأفراد سوى التمسك بهوية البقاء.. المناعة.. الاستمرارية في الحياة التي تصبح المصدر الوحيد للثبات في مواجهة هذا التغيير العنيف.

أما في الضفة الغربية، وتحديدًا في طولكرم وجنين، فإن الهوية تتجسد في المواجهة المستمرة ضد الاقتحامات العسكرية المتكررة، حيث تفرض إسرائيل واقعًا أمنيًا وسياسيًا يهدف إلى طمس الهوية الوطنية من خلال الاعتقالات، وهدم المنازل، ومحاولة فرض الأمر الواقع بالقوة. لكن الهوية هنا تتجلى أيضًا في الإصرار على البقاء، وفي تعزيز الانتماء عبر المجتمعات المحلية، والتكافل الاجتماعي، والاستمرار في مقاومة التهجير والإقصاء.

إن بناء الهوية لا يتم فقط من خلال الإرث التاريخي أو الذاكرة الجماعية، بل يتشكل أيضًا من خلال السياسات التي تُمارس ضد الأفراد والجماعات. فسياسات التهجير في غزة، وتقييد الحركة في الضفة، والممارسات القمعية في جنين وطولكرم كلها عوامل تؤثر على مفهوم الفلسطيني لذاته. الهوية هنا ليست مجرد مفهوم فلسفي، بل هي انعكاس للمعاناة اليومية التي تعيشها المدن الفلسطينية.

تأخذ الهوية الفلسطينية طابعًا خاصًا في ظل الحصار المفروض على غزة، حيث يولد هذا الحصار ديناميكيات جديدة تعيد تشكيل الانتماء الجماعي، فيصبح الصمود والمقاومة جزءًا أساسيًا من الهوية. وفي طولكرم وجنين، تتجلى الهوية في الشعور بالوحدة في مواجهة الاحتلال، حيث يتحول التفاعل الاجتماعي إلى عنصر مقاومة، ويتحول الانتماء إلى المدينة أو المخيم إلى شكل من أشكال التحدي.

تشير النظريات الفلسفية والاجتماعية إلى أن الهوية تتشكل في علاقة جدلية بين الذات والآخر. وفي الحالة الفلسطينية، فإن الاحتلال يمثل «الآخر» الذي يسعى إلى طمس هذه الهوية أو إعادة تشكيلها وفق مصالحه. لذا فإن التمسك بالهوية الفلسطينية لا يكون فقط من خلال الخطاب السياسي، بل عبر الفعل اليومي، مثل مقاومة التهجير، والإصرار على إعادة الإعمار في غزة، ومقاومة القيود المفروضة على الفلسطينيين في الضفة الغربية.

إن مفهوم الهوية كما طرحه الفلاسفة مثل هيغل وإريك إريكسون يؤكد على أن الهوية لا تُعطى بل تُبنى من خلال التفاعل مع الظروف المحيطة. وفي فلسطين، يتجلى هذا البناء في استمرار النضال من أجل البقاء، حيث تصبح الهوية نفسها ساحة للصراع. وإذا كانت الهوية الفلسطينية قد مرت بأزمات متعددة، فإنها في كل مرة تعيد تعريف ذاتها من خلال مقاومة هذه الأزمات، وهو ما يجعلها متجددة رغم المحاولات المستمرة لطمسها.

لا يمكن عزل الهوية الفلسطينية عن السياق الإقليمي، إذ تتأثر بما يجري في العالم العربي من تحولات سياسية واقتصادية، وكذلك بتغير مواقف بعض الدول تجاه القضية الفلسطينية. في ظل هذه المتغيرات، تبرز أهمية الحفاظ على الهوية الفلسطينية من خلال توظيف الذاكرة الجماعية، وتعزيز الرواية الوطنية، والانخراط في العمل السياسي والمجتمعي.

في ظل ما يعيشه الفلسطينيون في غزة وطولكرم وجنين، تصبح الهوية الفلسطينية أكثر من مجرد تعريف ذاتي؛ إنها أداة مقاومة، وطريقة للتمسك بالوجود رغم محاولات الإقصاء. إنها ليست مجرد شهادة ميلاد أو بطاقة هوية، بل هي فعل مستمر في مواجهة الطمس والتهميش. وفي ظل هذه التحديات، يظل السؤال مفتوحًا: كيف يمكن للفلسطينيين الحفاظ على هويتهم في ظل هذا الطوفان من التغييرات القسرية؟ والإجابة تكمن في استمرار الصمود، وبناء الوعي الجمعي، وتعزيز الهوية ليس كمعطى ثابت، بل كمشروع متجدد يتفاعل مع الظروف دون أن يفقد جوهره.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق