القدس المحتلة - قال عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح ديمتري دلياني، إنّ أخطر ما أنتجه النظام السياسي الإسرائيلي في العقود الأخيرة بالإضافة إلى توحّش جيشه الإبادي، هو تثبيت وتعزيز بنية فكرية مجتمعية تعتبر الانسان الفلسطينيّ كائن خارج نطاق القيمة الإنسانية، وتعتبر قمعه وقتلَه جريمة لا تحمل شعوراً بالذنب الأخلاقي. و وأوضح أنّ هذه البنية الفكرية جاءت نتيجة تراكم طويل أعادت خلاله دولة الابادة الاسرائيلية قراءة النصوص الدينية وإعادة تركيب رواياتها التاريخية لتوليد خطاب يعتبر الإبادة بحق الطفل الفلسطيني جزءاً من «الواجب الوطني»، مستشهداً بخطاب بنيامين نتنياهو المستند إلى «رواية عماليق» التي استخدمها لتحريض جيشه على ارتكاب جرائم إبادة في غزة. وأضاف أنّ هذه البنية الفكرية، الممتدة من التعليم مروراً بالخطاب السياسي ووصولاً إلى الدروس والفتاوى الدينية، هي التي جعلت جرائم التجويع والإعدام الميداني وذبح العائلات وهدم البيوت امتداداً طبيعياً للمنطق الدموي اللاإنساني الذي يحكم مجتمع دولة الابادة الإسرائيلية.
وبيّن القيادي الفتحاوي أنّ تصريحات قادة دولة الابادة الاسرائيلية، من دعوة بتسلئيل سموتريتش لمحو بلدات فلسطينية في الضفة المحتلة إلى قول إيتمار بن غفير بأن «حقهم في الأرض أهم من حق الإنسان الفلسطيني في الحياة»، تشكّل المنظومة الأخلاقية التي يتغذى عليها جيش مُدرّب على التعامل مع كل بيت فلسطيني كموقع جرائم حرب مباح، وكل طفل او طفلة من أبناء الشعب الفلسطيني كرقم قابل للشطب بلا عواقب او حتى شعور بالذنب.
وأضاف المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح أنّ الفتاوى الصادرة عن حاخامات مثل شموئيل إلياهو، التي تستخدم لغة تدعو صراحة إلى الإبادة وتطالب «بتدميرنا» باعتبار ذلك فعلاً «واجباً»، تشكّل مع توجيهات أفيحاي رونتسكي، الحاخام العسكري الرئيسي السابق، منظومة دينية وُضعت لخدمة مشروع دولة الابادة الإسرائيلية في استباحة وجودنا الطبيعي على ارض اجدادنا. وأوضح أنّ رونتسكي أصدر قبل نحو 20 عاماً من أحداث 7 أكتوبر تعليمات مباشرة لجنود دولة الابادة أفتى فيها أنّ قتل المدنيين من أبناء شعبنا لا يرتّب عليه أي «ذنب دم» ما دام يُقدَّم كجزء من حماية المشروع الصهيوني، الأمر الذي منح الجيش الإسرائيلي مبررات دينية جاهزة لتسويغ جرائم الإبادة.
وأشار دلياني إلى أنّ التحالف بين هذا الخطاب الديني المتطرّف والسياسات الحكومية في دولة الابادة الإسرائيلية أنتج منظومة تعتبر قتل عائلاتنا، وهدم بيوتنا، وتجويع أطفالنا واجبات تدخل في إطار التكليف، لا جرائم إبادة يُحاسَب عليها مرتكبوها. وأضاف أنّ هذه المنظومة شكّلت الجذر الأكثر ترسخاً للبنية الإبادية في الوعي الإسرائيلي، ونمت من خلالها قناعة شعبية خطيرة في مجتمع دولة الابادة بأن استباحة حياتنا وارضنا فعل مشروع ومطلوب.
وختم دلياني بأنّ تفكيك هذه العقيدة المجتمعية الاسرائيلية ضرورة لحماية شعبنا الفلسطيني ووضع نهاية لجرائم الحرب الإبادية الإسرائيلية، مؤكداً أنّ أي مستقبل عادل في هذه المنطقة يبدأ من إسقاط هذا الأساس الأيديولوجي الذي يبيح ويشجع على سفك الدم خدمةً لمشروع تطهير عرقي ايديولوجي.