يواجه الصيادون العرب في الطنطورة، وجسر الزرقاء، والفريديس، ويافا، وعكا، صعوبات كبيرة في تجديد تراخيص الصيد لعام 2026، بعد أن حوّلت وزارة الزراعة نظام إصدار التراخيص إلى منصة رقمية بالكامل، دون تقديم بدائل أو تسهيلات تُتيح للصيادين إتمام الإجراءات كما كان الحال سابقًا في مكاتب الوزارة.
ويعاني الصيادون كذلك من تضييقات مستمرة من قبل وزارة الزراعة وسلطة حماية الطبيعة والحدائق والشرطة البحرية، التي تقيّد حركتهم وتمنعهم من ممارسة الصيد بحرية على امتداد الساحل.
وتأتي هذه الإجراءات في ظل تراجع المخزون الطبيعي من الأسماك في البحر، ما يصبّ في مصلحة أصحاب المزارع السمكية الصناعية الذين يحققون أرباحًا متزايدة على حساب معيشة الصيادين المحليين.
وقال الصياد زيدان أيوب أعمر من بلدة الفريديس لـ"الكوفية": "عائلتنا تمتهن الصيد منذ ما قبل قيام الدولة، وكانت مصدر رزقنا الرئيسي قبل عام 1948 واستمر حتى اليوم رغم كل التضييقات. بعد النكبة والتهجير أُجبرت عائلتنا على النزوح من الطنطورة إلى الفريديس المجاورة بعد اقتحام قريتنا وتهجير أهلها".
وأضاف أعمر: "تبقّى لنا على الشاطئ بيت الصيادين الصامد بعد هدم القرية بالكامل عام 1948. لقد ورثنا هذا البيت والمهنة عن أجدادنا منذ عقود، ولا نزال نحافظ عليهما رغم كل الصعوبات والتضييقات من الوزارة وسلطة حماية الطبيعة والحدائق".
وأوضح أن النظام الإلكتروني الجديد لتجديد التراخيص يتطلب إلمامًا بالتكنولوجيا، بينما معظم الصيادين من كبار السن ولا يمتلكون المعرفة الكافية، مشيرًا إلى أن التواصل مع الوزارة شبه مستحيل، ولا يقتصر على الوسائل الرقمية فقط.
وتابع: "فئة الصيادين العرب تعيش ظروفًا صعبة، وسلطة حماية الطبيعة تمنعنا من الصيد بحجة الحفاظ على البيئة، بينما تمنح التراخيص للشركات الكبرى لإقامة الفنادق والمشاريع السياحية على الساحل، وهو ما يؤثر على المخزون السمكي ومصدر رزقنا".
وأضاف أن الشرطة البحرية وسلطة حماية الطبيعة تلاحق الصيادين باستمرار، وأي مخالفة صغيرة تفرض غرامة تبدأ من 3500 شيكل، وهو مبلغ يثقل كاهل الصيادين الذين يعيشون على قوت يومهم.
ودعا أعمر إلى الاعتراف الرسمي بمهنة الصيد ومنح الصيادين حقوقهم الكاملة، مؤكدًا أن "لن نتنازل عن البحر ولا عن المهنة التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، وكل ما يحدث هدفه إفراغ البحر لصالح مزارع الأسماك التجارية التي تخدم مصالح الأغنياء".
من جانبه، قال أمين عام منظمة الصيادين المهنية، الصياد سامي العلي من جسر الزرقاء لـ"الكوفية": "سياسة وزارة الزراعة التمييزية تستهدف الصيادين العرب تحديدًا من خلال فرض نظام إلكتروني معقد دون أي تهيئة أو تدريب".
وبيّن أن النظام الجديد الذي بدأ العمل به في نيسان/أبريل 2025، يتطلب إنشاء ملفات رقمية في نظام التعريف الحكومي وإرفاق أوراق رسمية، وهو أمر معقد بالنسبة للجيل الأول والثاني من الصيادين، دون توفير أي بديل تقني أو مساعدة على الأرض.
وأضاف العلي: "هذا الإجراء سيجعل المئات من الصيادين مخالفين للقانون، ويهدد مصادر رزقهم، خاصة مع تشديد المراقبة وفرض غرامات باهظة تصل إلى آلاف الشواكل على أبسط الأمور المتعلقة بالصيد".
وأوضح أن الحل كان يجب أن يكون بالتعاون مع منظمة الصيادين لإيجاد بدائل، مثل السماح بالطلبات الورقية كما سابقًا، أو تخصيص موظف في الموانئ لتقديم المساعدة في إصدار التراخيص.
وعن الخطوات القادمة، أشار العلي إلى أن المنظمة وجهت رسالة رسمية إلى وزارة الزراعة وتنتظر الرد، مؤكداً أنه في حال لم تستجب الوزارة، سيتم اللجوء إلى القضاء للاعتراض على القرار الذي يهدد مئات العائلات المعتمدة على الصيد كمصدر رزق رئيسي.
ومن جانبه، قال الصياد توفيق حامد من الفريديس لـ"الكوفية": "رخص الصيد الحالية تنتهي بنهاية العام، وحتى الآن لم يتمكن العديد من الصيادين من تجديدها بسبب العراقيل الإلكترونية التي تفرضها الوزارة".
وأضاف: "سابقًا كان تجديد الرخص سهلاً عبر التوجه إلى الوزارة مباشرة، أما اليوم فالموقع الإلكتروني مليء بخطوات معقدة تهدف إلى إبعادنا عن البحر تدريجيًا دون توفير حلول بديلة".
وختم حامد حديثه بالقول: "يعاني سوق السمك من شُح كبير في الإنتاج بسبب تراجع أعداد الأسماك في البحر الأبيض المتوسط، نتيجة المشاريع الصناعية على السواحل، مثل منصات الغاز ومحطات توليد الكهرباء، ما يصب في مصلحة أصحاب مزارع الأسماك الصناعية على حساب رزق الصيادين الفقراء".