أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها ستتولى الإشراف على دخول المساعدات إلى غزة بدلًا من قوة الاحتلال الإسرائيلي، بمعنى أدق: استبدال قوة الاحتلال الإسرائيلي بقوة الانتداب الأمريكي، وهذه هي الحقيقة بدون عمليات تجميل وبلا زخرفة في الكلمات. وبين قوتين تتواصل معاناة أهل غزة حتى اليوم، وسط محدودية المساعدات التي تدخل، وشُحّ الكثير من الاحتياجات، في ظل التلكؤ والتباطؤ في الانتقال إلى المرحلة الثانية، من اتفاق ترمب لوقف الإبادة وإعادة إعمار القطاع.
كما أعلنت إدارة الرئيس ترمب، أنها ستتولى إصدار قرار من مجلس الأمن، بشأن قوة عسكرية أمنية تكون مهمتها ليس حفظ السلام، كما درجت العادة في القوات الدولية التي يتم إنشاؤها لتذهب إلى البلدان المنكوبة، بل لإنفاذ السلام على حد وصف القوة الجديدة التي ستعمل على بسط السيطرة، وتفكيك الخلايا والمجموعات المسلحة، وفي مقدمتها سلاح حماس وأنفاقها، وهذه القوة ستكون مرجعيتها اللجنة التي يشرف عليها توني بلير، ومبعوثا ترمب إلى المنطقة ويتكوف وكوشنير.
هذه الإجراءات هي انتداب جديد، تحت مزاعم ما يسمى بمجلس السلام، وهذا يتعارض مع كل القوانين والقرارات الدولية الخاصة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
الضغط العربي –على ما يبدو– لم يُثمر حتى اللحظة عن تقدم ما في مسألة الحضور العربي والفلسطيني، ويظهر أن ترمب مُصمِّم على عدم وجود أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، وهذا يتلاقى مع موقف الاحتلال الذي يشترط ذلك، وكلا الموقفين يأتي ضمن خطة إبقاء الانقسام كحالة تقطع طريق الدولة، وتؤسس لمرحلة أكثر خطورة مما كانت عليه خلال سنوات الانقسام، والذي كان أحد الأسباب التي أوصلت غزة إلى ما وصلت إليه.
إن استمرار الضغط العربي والدولي على ترمب مهم في هذه الأوقات، من أجل التوصل إلى صيغة أخرى مغايرة لنهج الانتداب الذي يريده ترمب، وتتفق مع حقوق شعبنا في الحرية والاستقلال، ومبادئ القانون الدولي، وحق الشعوب في تقرير المصير، على قاعدة قيادة واحدة وسلطة واحدة مرجعيتها منظمة التحرير الفلسطينية.