الأورومتوسطي: تصاعد جرائم المستوطنين تكريسٌ لضمّ الضفة
نشر بتاريخ: 2025/11/09 (آخر تحديث: 2025/11/09 الساعة: 18:29)

رام الله - قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إنّ التصاعد الخطير في جرائم المستوطنين ضدّ الفلسطينيين في الضفة ، والذي بلغ ذروته مع انطلاق موسم قطف الزيتون، يجري في ظلّ غياب تام لأيّ إجراءات للردع أو المساءلة، وغالبًا ما يُنفَّذ تحت حماية مباشرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح المرصد في بيان يوم الأحد، أن ذلك يعكس نهجًا رسميًا ومنهجيًا يهدف إلى توظيف عنف المستوطنين كأداةٍ لترسيخ السيطرة الإسرائيلية، بالتوازي مع تسارع وتيرة التوسّع الاستيطاني ومصادرة الأراضي، في مسعى لفرض الضمّ الفعلي للضفة الغربية وتهجير سكانها الفلسطينيين.

وذكر أنّ هذا التصعيد المنهجي يأتي ضمن مسعى أوسع لإحكام السيطرة الإسرائيلية على الضفة عبر تفريغها من سكانها وتوسيع دائرة النفوذ الاستيطاني، جغرافيًا ووظيفيًا، وتحويل المستوطنين إلى أذرع تنفيذية للجيش في عمليات الاعتداء والمصادرة، وفرض أنماط جديدة من السيطرة الميدانية تُكرّس واقع الفصل والعزل بين التجمعات الفلسطينية، وتُجهض أي إمكانية لقيام كيان فلسطيني متصل أو مستقل.

ورصد فريق المرصد الميداني خلال الأسابيع الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في اعتداءات المستوطنين ضدّ الفلسطينيين، ولا سيما المزارعين.

وبين أن هذه الاعتداءات، شملت الاعتداء الجسدي وسرقة ثمار الزيتون وحرق الأشجار وتخريب الممتلكات ومنع الوصول إلى الأراضي الزراعية.

وأشار إلى أنّ عشرات هذه الهجمات نُفّذت بحماية مباشرة من قوات الاحتلال، فيما شارك جنود في بعضها، في تجسيد واضح لوحدة المنظومة القائمة على تنفيذ سياسة الدولة باضطهاد الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم.

وأوضح أنّه وثّق في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري استشهاد الفلسطيني أحمد ربحي الأطرش برصاص مستوطن على الطريق رقم (35) قرب مدخل "رأس الجورة" شمال الخليل.

ولفت إلى أنّ استشهاد "الأطرش" يرفع عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا على يد المستوطنين إلى 13 منذ مطلع عام 2025 و37 منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي حصيلة غير مسبوقة تعكس تصعيدًا خطيرًا في طبيعة العنف، وانتقاله من استهداف الممتلكات إلى استهداف مباشر للأرواح.

وأضاف أنّ فريقه وثّق 324 اعتداءً نفّذها مستوطنون خلال 39 يومًا (منذ بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى مساء 8 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري)، بمعدل ثمانية اعتداءات يوميًا.

وأكد أنّ عنف المستوطنين خلال موسم قطف الزيتون الحالي يُعدّ الأعلى منذ سنوات.

ووثّق الفريق نحو 163 هجومًا أسفر عن إصابة أكثر من 143 فلسطينيًا، وإتلاف ما يزيد على 4,200 شجرة وشتلة في 77 قرية بالضفة.

ونوه إلى أنّ الهجمات التي ينفّذها مستوطنون مسلّحون على هيئة ميليشيات منظَّمة، تنطلق من المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير القانونية المنتشرة في الضفة أصبحت تمثّل ممارسة منهجية للعنف المسلّح ضدّ الفلسطينيين.

وأكد أنّ هذه المجموعات تعمل بتنسيق وثيق مع جيش الاحتلال وتحت حمايته، وتقتحم القرى والبلدات الفلسطينية، حيث تهاجم المنازل والمركبات وتعتدي على السكان وتهدّدهم بالرحيل.

وبين أن ذلك يأتي في إطار سياسة تهدف إلى بثّ الرعب ودفعهم قسرًا إلى إخلاء مناطقهم القريبة من المستوطنات، بالإضافة إلى نصب خيام في الأراضي الزراعية لتأسيس بؤر استيطانية جديدة تُستخدم منطلقًا لاعتداءات لاحقة وتوسيع السيطرة الإسرائيلية على الأرض.

ونبّه المرصد إلى أنّ اعتداءات المستوطنين المتكرّرة تسبّبت في تهجير قسري لنحو 5,200 فلسطيني من قراهم وبلداتهم القريبة من البؤر الاستيطانية، في إطار خطة منهجية لإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي في الضفة الغربية وفرض وقائع ميدانية جديدة تُكرّس التوسّع الاستيطاني وتُضعف الوجود الفلسطيني في أراضيهم.

وأشار إلى أنّ الواقع الميداني يُظهر أنّ الفلسطينيين يتحوّلون إلى ضحايا مرتين؛ ضحايا لجرائم المستوطنين أولًا، ثم ضحايا لسياسات الاحتلال التي تُعاقبهم عند دفاعهم عن أنفسهم أو عن أراضيهم.

وبيّن أنّ تسليح الحكومة الإسرائيلية للمستوطنين وتوفير الحماية القانونية والمؤسسية لهم يشكّلان انتهاكًا جسيمًا لالتزامات "إسرائيل" بصفتها قوة احتلال، بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، لا سيّما واجبها في حماية السكان المدنيين الواقعين تحت احتلالها.

ورصد المرصد الأورومتوسطي استمرار التوسّع في إنشاء البؤر الاستيطانية العشوائية التي تحظى بحماية رسمية وغطاء سياسي من الحكومة الإسرائيلية.

وذكر أن عشرات البؤر الجديدة أقيمت خلال العام الجاري في ظلّ تسهيلات حكومية واضحة، شملت الدعم المالي واللوجستي للمستوطنين وتزويدهم بالبنية التحتية اللازمة للاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ولا سيما في مناطق الأغوار وجنوب الخليل ونابلس.

وأوضح أنّ هذا النمط من التوسّع، قد يتخذ شكلًا "عشوائيًا" ظاهريًا، إلّا أنه يتم في إطار سياسة مركزية منظَّمة تهدف إلى فرض وقائع ميدانية جديدة تُكرّس الضمّ الفعلي وتُقوّض وحدة الأراضي الفلسطينية.

وطالب المرصد المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لتنفيذ ما ورد في رأي محكمة العدل الدولية الصادر في 19 يوليو/تموز 2024، الذي أكّد عدم شرعية استمرار الاحتلال ونشاطاته الاستيطانية.

ودعا "إسرائيل" إلى الوقف الفوري لجميع أنشطة الاستيطان، وإخلاء جميع المستوطنين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإنهاء وجودها غير القانوني فيها بأسرع وقت ممكن.

وحثّ على ممارسة ضغط حقيقي على "إسرائيل" لضمان وقف شامل لعنف المستوطنين، ومحاسبة جميع المتورطين في هذه الجرائم، بمن فيهم المسؤولون السياسيون والعسكريون الذين وفروا الحماية أو التحريض أو الغطاء القانوني، ووقف تسليح المستوطنين وتجريد الميلشيات الاستيطانية من السلاح غير القانوني.

ودعا المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بوقف بناء وتوسيع المستوطنات، وإلغاء جميع الإجراءات الإدارية والقانونية التي تتيح مصادرة الأراضي الفلسطينية، وإنشاء آلية حماية دولية فعّالة للمدنيين في الضفة.