الولاية الفلسطينية على قطاع غزة..ما هي طبيعتها ولمن؟!
نشر بتاريخ: 2025/11/09 (آخر تحديث: 2025/11/09 الساعة: 16:35)

بدأ الحديث عن ملامح اليوم التالي لحرب التدمير على قطاع غزة، بعدما تكشفت كثيرا أركان المؤامرة الكبرى التي بدأت يوم 14 يونيو 2007، وتوضحت يوم 7 أكتوبر 2023، كان أبرزه ما يعرف بخطة ترامب وما تلاها من "إعلان السلام" في شرم الشيخ، حددت أركان الرؤية التي يراد لها أن تكون بعيدا عن المركزية الفلسطينية.

خطة ترامب التنفيذية، لا يوجد بها ألغاز، فكل فقراتها تعلن بكل وضوح أن الممثل الفلسطيني أي كان مسماه لا دور رئيسي له، وكل ما هو مطلوب تعيين مجموعة خدماتية تعمل بأمر "الحاكم المشترك" الأمريكي الإسرائيلي، دون خروج عن المسار المحدد.

ورغم قيمة مؤتمر تحالف الدولتين برعاية فرنسية سعودية، وما قدمه الرئيس محمود عباس من "التزامات إصلاحية" لم يكشف عنها، لكنها وفقا لبعض ما ينشر تمس جوهر الهوية الوطنية ومشروعها السياسي، ودون أن يضع فاصلة حول مضمون الإصلاح لدولة أم لغيرها، لكن ذلك لم يكن له أثر أو تأثير على جوهر الخطة الأمريكية، ولا ما تلاها في شرم الشيخ.

ولكن، المفاجئ هو أن يعلن الرئيس محمود عباس أن هناك جاهزية لتولي فلسطين الولاية الكاملة على قطاع غزة، دون تحديد كيف وأين ومتى، لكنها عبارة باتت تتكرر في تصريحات أركان الرسمية الفلسطينية.

ومع قيمة مضمون الحديث عن الولاية القانونية لفلسطين على قطاع غزة، أليس ذلك يتطلب أولا تعريف ما هي تلك "الولاية القانونية" التي برزت فجأة، هل هي سلطة الحكم الذاتي الانتقالي وحكومتها محدودة الصلاحيات، أم هي منظمة التحرير الفلسطينية بصفتها المرجعية العليا للمكونات "الرسمية" وفقا لبيان تأسيس السلطة مايو 1994، أم هي دولة فلسطين العضو المراقب في الأمم المتحدة، بكل ما لها من امتيازات قانونية وسياسية.

أسئلة تبحث أجوبة لها، قبل الحديث عن الولاية القانونية الكاملة على قطاع غزة، كون الأطراف الأخرى ليسوا أطفال "حضانة سياسية"، أو مجمع حزبي يقال له ما يقال كلاما بلا أدنى مسؤولية، فالحديث هنا مع تحالف أعلن خطة تفصيلية، متجاهلا بشكل كامل الممثل الرسمي الفلسطيني، رغم ترحيبه بها.

قبل الحديث عن جاهزية استلام قطاع غزة وفرض الولاية القانونية، يجب تحديدها من هي، ولأن الحديث عن سلطة انتقالية بات كلاما زائدا، بعدما استنفذت كل زمنها السياسي بعد عام 2012، لتنتقل إلى مرحلة جديدة، كما أنه لا يمكن اعتبار منظمة التحرير هي صاحبة الولاية ما دام هناك كيان مؤسساتي قائم، ولذا الخيار الأوضح والأدق قانونا وسياسة هو دولة فلسطين المعترف بها راهنا من 160 دولة من بين 194 دولة..وهو رقم غير مسبوق لدولة لم تعلن رسميا بعد على أرض الواقع.

قد يكون مفهوما أن هناك ضغط عربي رسمي وخاصة سعودي لتأجيل القرار المؤجل منذ زمن، لاعتبارات زيارة محمد بن سلمان إلى واشنطن، وانتظارا لحجم المساومة الممكنة بعد لقاء ترامب، أو استجابة لغيرها، تحت "ذرائع" غير مفهومة، أو غير محددة سوى عدم الذهاب لغضب أمريكا ورئيسها النرجسي جدا، الذي يحاول أن يبدو صاحب "النصر"، ولا يتسامح مع من ينال منه.

ربما يحاول البعض العربي، أن يدخل الترهيب السياسي بأن خطوة توضيح الولاية القانونية بإعلان دولة فلسطين ستقابل بعملية ضم واسعة في الضفة والقدس، ما لا يمكن مواجهته.

لنعتبرها "أسباب" ممكن التفكير بها، ولكن إلى متى وكيف يكون الحضور الفلسطيني في قطاع غزة، وهل الضم حقا متوقف، أم أن الاستيطان والتهويد العلني والصريح مع ممارسة أوسع عمليات الإرهاب من الفرق الاستيطانية برعاية جيش العدو، ليس خطرا، ويمكن "التسامح" معه كي لا يغضب "الرئيس العام" في واشنطن.

من يريد تأجيل تحديد الولاية القانونية بإعلان دولة فلسطين، عليه أن يقدم آلية بديلة كي لا تصادر "الولاية القانونية" تحت جلباب خطة ترامب والسيطرة الأمنية العليا لدولة الاحتلال في قطاع غزة.

الرسمية الفلسطينية، بدلا من تعميم المطالب، بات عليها تحديدها وفي المقدمة موقفها من إعلان دولة فلسطين وفقا لقرار الشرعية الأممية كدولة تحت الاحتلال، تتجه نحو التحرر الوطني أولا ثم تبحث كل ما يطلب منها "إصلاحا"، غير ذلك نحن أمام أكبر "مكذبة سياسية" في التاريخ المعاصر.

كي يتم التعامل مع الحديث عن الولاية القانونية الرسمية على قطاع غزة بجدية، وألا ينظر لها بخفة واستخفاف، مطلوب أولا إعلان الكيان الذي له ذلك الحق، ولا تترك لمجهول أو للبحث عن خيار من خيارات تائهة.