ادعاء باطل، وخيار ضيق أحادي، لم يعد مستصاغاً، لدى قادة المستعمرة الإسرائيلية، وقادة الحركة الصهيونية، على أن أياً منهم يُمثل اليهود واليهودية، وأن المس بمكانة المستعمرة، وعدم شرعية روايتها ووجودها ومشروعها التوسعي، وكأنه انعكاس للعداء للسامية، وأن السامية هي الكلمة الرديفة لليهود ولليهودية.
بداية نحن كمسلمين، نعترف باليهود واليهودية، كأصحاب رسالة سماوية، مثلهم مثل الأشقاء المسيحيين، وإن اختلفت الاجتهادات، ودرجة الاتفاق أو الخلاف مع أي منهم، وهي اجتهادات وسلوك ومتغيرات يُفترض أنها لا تمس العقيدة.
ونحن كمسلمين أيضاً، لا نعتبر أياً من التنظيمات والأحزاب والفصائل السياسية الإسلامية هي وحدها، أو أي منهم يُمثل الإسلام دون غيره، كما يدعي كل فصيل أو حزب أو تنظيم تعسفاً، أنه وحده من يُمثل الإسلام والمسلمين.
وما ينطبق على التنظيمات السياسية الإسلامية، ينطبق أيضاً على الحركة الصهيونية، وأحزابها وامتداداتها المختلفة سواء في فلسطين أو خارجها، فالصهيونية والأحزاب السياسية منها والدينية، تدعي كذباً تمثيلها وحرصها على اليهود واليهودية.
اليهود واليهودية، كما هو الإسلام والمسلمون، كما هو المسيحية والمسيحيون، عابرون للحدود، ينتشرون، يُمثلون، ينتمون لقوميات وجنسيات مختلفة، فاليهودي العربي، غير الاسترالي، غير الفرنسي، غير الإفريقي، لغة وثقافة ومصالح، والصهيونية هي عملت وادعت في تمثيلها لليهود واليهودية، وإقامة وطن واحد لهم على أرض فلسطين، وهي لم تنجح في مسعاها وبرنامجها ومشروعها لولا تحالفها مع الاستعمار الأوروبي التقليدي، ونجاحها يعود لقوة الاستعمار الأوروبي ونفوذه، وتداخل المصالح بين مشروعها على أرض فلسطين، مع مشروع أوروبا الاستعماري، في استعمار العالم: في آسيا، وأفريقيا، والأميركيتين، وقد نجحت في بلدان مثل الولايات المتحدة وكندا، وبلدان أميركا اللاتينية، قبل أن تتحرر من الامتداد والسياسة الاستعمارية المباشرة، وفشلت في بلدان لمواصلة استعمارها أو تغيير هوياتها كما حصل في الجزائر وجنوب إفريقيا وروديسيا وغيرهم.
مشروع الصهيونية في مستعمرتها الإسرائيلية، مازال قيد المواجهة، حقق خطوات، ولكنه أخفق في نفس الوقت، ولازال غير قادر على انتزاع شرعية المشروع على كامل خارطة فلسطين، وهو مسعاه وهدفه ونوايا استعماره وتوسعه، فقد فشل مشروعهم استراتيجياً في طرد وتشريد وإبعاد كامل الشعب الفلسطيني عن وطنه، وفشل في تسويق المشروع على كامل خارطة فلسطين، بل أن غالبية بلدان العالم تعترف بحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته على جزء من خارطة فلسطين، كما أن العالم يحترم حق الفلسطينيين في المساواة كمواطنين مقيمين على أرض بلادهم المحتلة عام 1948، إضافة إلى الإقرار بحق الجزء الثالث من الشعب الفلسطيني وهم من اللاجئين الذين أقرت لهم الأمم المتحدة عبر القرار 194 حقهم في العودة إلى المدن والقرى التي سبق وطُردوا منها، واستعادة ممتلكاتهم منها وفيها وعليها.
ادعاء نتنياهو، والمدعو روثمان الذي منعته استراليا دخولها، للمشاركة في مؤتمر لليهود الاستراليين، احتج على ذلك وادعى أن عدم استقباله وعدم السماح لدخول استراليا، قرار يحمل العداء لليهود والعداء للسامية، ادعاء باطل مكشوف لم تعد دوافعه مقبولة أو محترمة، بل يتم رفضه لأنه ونتنياهو يمثلون مشروعا استعماريا توسعيا يمارس الإجرام العنصري الفاشي المكشوف بحق الشعب العربي الفلسطيني، وهم لا يمثلون اليهود واليهودية، وإن كانت ديانتهم يهودية.