غزة تفضح ثقافة العار وعار الثقافة....
نشر بتاريخ: 2025/07/20 (آخر تحديث: 2025/07/20 الساعة: 18:34)

كثيرون هم اولئك الذين صنفوا المثقفين ومنحوهم القابا وقدموا تفسيرات لتلك الالقاب واغرقوا في شرحها حتى صارت هذه التصنيفات هي الاساس التي يعتمد عليها الباحثين ومن هذه الاصناف

المثقف العضوي: وهو ذاك المثقف الذي تعود اصوله الى الطبقات العاملة كالعمال والفلاحين ونرتبط عضويا بقضاياها ومصالحها وصراعاتها ويعمل ك " مهندس للوعي " لطبقته بهدف تمكينها من تحقيق الهيمنة او الصيرورة الثقافية وتغيير المجتمع لكن غرامشي هنا توقف عند الطبقات الكادحة ولم يأتي على ذكر الطبقات المسيطرة اصلا والتي ينتمي لها المثقفين على قاعدة المصلحة حتى لو لم يكونوا من ابنائها ويقدمون لها كل الخدمات التي تحتاجها هذه الطبقات للإبقاء على سطوتها على الطبقات الدنيا وهي في سبيل ذلك تشتري هؤلاء بمبالغ باهظة وتجعلهم اكثر اخلاصا لها من ابنائها بما في ذلك علماء دين واجتماع وفلسفة وسائر علوم المعرفة .

المثقف المستفز : وحسب ادوارد سعيد في كتابه تمثيلات المثقف فهو ذاك المفكر الرافض للانتماء او التبعية لأي من الافكار او الانتماءات الضيقة " المثقف الحر" او المثقف " صاحب السؤال " وهو كما يصفه سعيد منشق علنا وناقد للسلطة والناقد للنظام الاجتماعي السائد وتجلياته في اشكال الوعي والمعرفة وهو ما قد يجعله منعزلا ومرفوضا كما يعتقد سعيد وبالتالي في عصر الثورة الرقمية والسيطرة التامة من قبل الطبقات الحاكمة ومالكة الثروة تتمكن هذه الطبقات من حجب هذا المثقف وعزلة وتقييد قدرته على التأثير الى اقصى مساحة ممكنة.

المثقف الراكد: وهم في العادة الاكاديميون الذين يقدمون انفسهم على انهم محايدين وفي واقع الحال هم ليسوا اكثر من مياه راكدة تتحول مع الزمن الى مياه آسنة لأنها لا تتجدد ولا تبحث عن التجديد وتصر على البقاء بنفس حالتها دون ان تدري ان كل من حولها يتجدد الا هي مما يجعلها الاكثر تخلفا من الجميع ولا يمكن للمياه الراكدة الا ان تتأثر بكل العمليات التي تجري في عالمها المحيط رغم اصرارها على انها لم نفعل ولا تفعل وهذا النوع ينطبق على كل راكد أيا كان موقفه يسارا او يمينا فكل من لا يتفاعل مع المتغيرات ويتقدم اليها ويحملها ولو على طريقته سيتركه الزمن خلفه ويمضي ويبقى هو حتى يجد من يدفنه. ان وجد.

المثقف العبد: وهو من يدافع عن سيده ويجد وسيلة لصناعة فكر لسيده الحمار فقط لان هذا السيد يملك المال والسلطة والوسيلة للدعاية له كوسائل الاعلام الحديثة وعادة ما يجد هذا السيد مثقفا عبدا من اولئك الذين يحولون قدراتهم الفكرية والثقافية الى عار ويطوعون كل معارفهم وقدراتهم بذكاء وحنكة لتصبح مناسبة لمصالح السيد وهم من يجملون افعاله وجرائمه ويقدمونها بشكل براق وايجابي ويحولون ضحايا هذا السيد الى مجرمين وفي عالمنا تجد الامبريالية الامريكية اليوم من يفعلون ذلك في الفكر والسياسة والتنفيذ وحتى اولئك الاكثر ذكاء ويقدمون انفسهم كناقدين يجعلون في ثنايا نقدهم مديحا او تبريرا ومن الامثال على ذلك ان يقال مثلا ان اللوبي اليهودي يسيطر على القرار في الولايات المتحدة فتبدو وكان حالها حال التابع لإسرائيل وليس العكس وبالتالي فهي بلد مغلوب على امره ثم يذهب مثقف العار هذا الى القول مثلا ان المقتلة الجريمة على غزة من قبل دولة الاحتلال حدثت بسبب ما قامت به حماس وينسى ان ما قامت به حماس دفاعا عن النفس وسعيا لحرية شعبها واخر اكثر وضاعة يذهب ليقول ان المقتلة هذه مستمرة لان نتنياهو يرغب في البقاء في السلطة مما يعني ان ذهاب نتنياهو من الحكم سيعفي دولة الاحتلال من المقتلة الجريمة وحتى الذين يصفقون لمحكمة الجنايات الدولية لأنها تغب بمحاكمة شخص ينسون ان هذا يعني ايضا حصر الجريمة في الشخص وليس في المؤسسة " الاحتلال ورعاته " التي جاءت بهذا الشخص ولا بمن اقام هذه المؤسسة ولا بأهداف هذه المؤسسة ولا بأفعالها التي قامت على شعب باسره حريته وارضه.

غزة هذه البقعة الاصغر والاكثر كثافة سكانية في العالم فضحت خلال عامين ما حاولت البشرية طمسه طوال عقود وخصوصا بعد ان قدم النظام الرسمي العالمي نفسه على انه حالم متحضر ولديه نظام وقانون واسس وان الانسان وحقوقه وحرياته هو محور هذا النظام العالمي لتاتي غزة وتكشف زيف كل شيء وليصحو العالم على نفسه وقد اكتشف انه عاش زمنا من عار الثقافة فهو يكتب وينشر ويقرأ فكرا وثقافة جميلة وبراقة وتستحق الحياة وحين حدث الامتحان اكتشف زيف كل ذلك وان الحقيقة الوحيدة لا علاقة لها بالحق ابدا فالحق في الحياة ثبت انه العكس وهو الحق في الموت فمن حق الفلسطيني في غزة مثلا ان يموت وهذا حق شريعة الغاب وغبي آخر اكتفى ب…