ما لإسرائيل ستأخذه وما بقي سيكون للفلسطينيين
نشر بتاريخ: 2025/07/11 (آخر تحديث: 2025/07/12 الساعة: 00:46)

يبدو أن الأمور أكثر قربا وتصاعدا إلى بدء العد التنازلي للحرب على "غزة" حيث التوجه نحو طرح الحلول السياسية برؤية إقليمية وفقا لمبدأ "السلام بالقوة" الذي رفعه الرئيس "ترامب" كشعار في حملته الإنتخابية، وهو يريد تطبيقه عبر توسيع ما يسمى ب "الاتفاقيات الإبراهيمية"، لذلك يقوم الرئيس "ترامب" بالضغط على "نتنياهو" للذهاب إلى صفقة عبر تقديم مرونة كبيرة لكي يتم الذهاب نحو الملفات الاخرى بأريحية تامة، خاصة أنه لا شيء إسمه صفقة في "غزة" مقابل ملفات اخرى او صفقات أخرى، بل صفقة "غزة" هي متطلب للحل الإقليمي، أما لماذا صفقة "غزة" مقدمة لكل المخطط وليست تبادلية فهي للاسباب التالية:

أولا- الصفقة متطلب أمريكي وإقليمي وداخلي إسرائيلي، "حتى انه متطلب "نتنياهوي" ولكن وفق طريقته، وبما يُحقق اقصى ما يريد، وعدم الذهاب إلى صفقة سيفوت فرصة التطبيع او ما يسمى "توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية"، وبالتالي ضياع فرصة حسم الملفات بشكل إستراتيجي، أو ما يسمى تثبيت الإنجازات التكتيكية في صيغة إتفاقيات إستراتيجية تُحقق الأهداف السياسية وتحت يافطة تثبيت ما أسموه الإنتصارات وفق صيغة إقليمية تحالفية

ثانيا- الصفقة لمدة "60" يوما ستكون هي البداية لنهاية الحرب على "غزة" وفق الرؤيا الأمريكية، حيث يتم التحضير لخطة شاملة، تشمل نهاية الحرب واليوم التالي في "غزة" وتوسيع "الاتفاقيات الإبراهيمية" والتي قد تبدأ باتفاق الترتيبات الأمنية مع "سوريا"، وطرح خطة لتسوية القضية الفلسطينية، وبحيث يتم التالي:-

1- تعلن الصفقة لمدة ستين يوما

2- تبدأ المفاوضات النهائية حول نهاية الحرب، وخلال المفاوضات تظهر خطة الحل الشامل بحيث تكون بداية نهاية الحرب جزءا منه، بمفهوم "اليوم التالي للحرب"

3- تذهب "إسرائيل" إلى انتخابات مُبكرة او حكومة أقلية بدعم من المعارضة، ويعمل الرئيس "ترامب" ودول الإقليم على إنجاح "نتنياهو" في الانتخابات وقد يتوج ذلك بإعلان العفو عنه، أو الذهاب إلى حكومة اقلية مدعومة من المعارضة بمفهوم شبكة امان لتكملة صفقة الافراج عن الاسرى والذهاب نحو التطبيع، لكن هنا المعارضة سوف تشترط إعتزال "نتنياهو" للسياسة بعد إنتهاء متطلبات تلك الحكومة وإصدار العفو عنه

4- تبدأ عملية ما يسمى إصلاح السلطة للتحضير لقيادة مستعدة للتجاوب والموافقة على تسوية القضية الفلسطينية وفق رؤية الرئيس "ترامب"

5- بعد الانتخابات الإسرائيلية المفترضة " او وفق تشكيل حكومة أقلية برئاسة "نتنياهو" مع المعارضة حتى يتم تحقيق متطلبات الصفقة "الترامبية" حتى قبل الانتخابات المبكرة مقابل العفو عن "نتنياهو" وإعتزاله العمل السياسي وعدم خوضه للانتخابات"، وبعد الإنتهاء من مسمى إصلاح السلطة، يتم طرح خطة "ترامب" ويبدأ العمل على تنفيذها، ويترافق ذلك مع مسار لتسوية القضية الفلسطينية وفق الرؤيا "الترامبية" وهذه الرؤية تتمثل من وجهة نظري في "كيان فلسطيني في غزة يتبع لها ما تبقى من الضفة وبدون "القدس" مع وجود طريق للصلاة إلى المسجد الأقصى"

ثالثا- ملف "الضفة الغربية" محسوم لدى أقطاب إدارة الرئيس "ترامب" وإسمها عندهم "يهودا والسامرة" وهي ارض توراتية غير مطروحة للتفاوض، والخلاف بينهم حول ضمها كلها او ضم المستوطنات ومنطقة "جيم" او بالحد الادنى نصف "جيم"، والباقي سيطرة امنية إسرائيلية وإدارة ذاتية فلسطينية، او يتبع ما تبقى للكيانية في "غزة" إن تم حسمها بهذا الاتجاه

رابعا- بخصوص "سوريا" ملفها مرتبط بوضعها الخاص فيها، وقائدها الثائر "الجولاني" سابقا و "الشرع" حاليا، اعلن بوضوح وبشكل عملي لا يشوبه شائبة إرتمائه في الحضن الامريكي ومن يدور في الفلك الأمريكي ومستعد في سبيل تعزيز قوته وسيطرته وبقاءه في الحكم الذهاب إلى الحدود القصوى وبما يشمل ليس فقط الترتيبات الأمنية التي يتم الحديث عنها وسوف تتوج في اللقاء المحتمل في أيلول/سبتمبر وممكن قبل ذلك بين "نتنياهو" و "الشرع" والتي في مجملها ما تريده "إسرائيل" وإنما حد التطبيع المجاني، لذلك ملف "سوريا" غير مرتبط بالصفقة مع "غزة"، هو ملف مستقل بذاته له خصوصيته ولا يهتم بما يحدث أصلا في "غزة" من إبادة وتطهير عرقي

خامسا- بعد الإعلان عن صفقة ال "60" يوما، يبدأ العد العكسي بالنسبة إلى الملف "اللبناني" و "الإيراني"، ويبدو أن التوجه اولا هو إلى حسم الملف "اللبناني" بالسياسة او بالحرب، وهنا المقصود نزع سلاح "حزب الله" فلا مكان لما يسمى توسيع "الإتفاقيات الإبراهيمية" بعيدا عن "لبنان" خاصة بعد حسم ملف "سوريا"، لذلك سنرى تحالف "إسرائيلي سوري" ضد المقاومة في "لبنان" مع تواطؤ من قبل بعض الأطراف اللبنانية، وهنا أشير إلى أن التعاون "السوري الإسرائيلي" سيرتبط أيضا بمفاهيم أساسها تعديلات جغرافية ممكنة، وهذا يرتبط بحديث "نتنياهو" حول التغييرات "الجيو سياسية"، طبعا هذا ما سيتم قبل التوجه إلى حسم الملف "الإيراني"

سادسا- يتبقى الملف "الإيراني"، وهنا يبدو أن السيناريو المطروح ينحصر في توجهين، الأول يتبناه "نتنياهو" وصقور إدارة "البيت الأبيض" و "البنتاغون"، ويتمثل في توجيه ضربة عسكرية تؤدي إلى إسقاط النظام في نهايتها، والتوجه الثاني يتبناه الرئيس "ترامب" والمناهضين لأي حرب أمريكية خارجية إضافة إلى بعض دول الإقليم وبالذات الخليجية، وهو يتمثل في الدبلوماسية والتفاوض يرافقه حصار مشدد وفي حالة فشل المفاوضات وفقا للشروط المتفق عليها إسرائيليا وأمريكيا ودوليا وإقليميا، يتم فرض مزيد من العقوبات إقتصادية بحدودها العليا والعبث في الجبهة الداخلية "الإيرانية" للعمل على إحداث فوضى تؤدي إلى تغيير النظام فيها

واضح أن الإقليم ذاهب نحو حسم الملفات جميعها، وخطة الرئيس "ترامب" تندرج في هذا السياق، وكما يبدو بدعم دولي وإقليمي عربي وإسلامي ضمن التنافس التجاري مع "الصين" و"روسيا" خاصة مع تعثر الغرب في الحرب الروسية الأوكرانية

الخلاصة

كما يبدو المصالح تتلاقى إن كانت الشخصية بين "ترامب" و "نتنياهو" أو بين التوجه الأمريكي والرؤية الاستراتيجية لعمل تحالف إسرائيلي عربي "ناتو" يُعطي المجال لها للتركيز على مواجهة "الصين"

لكن هذا لا يعني أن تلك الحسابات والخطط سوف تتحقق، لأن المطروح من قبل الأمريكي والإسرائيلي هو حسم صفري للمنطقة بما قد يؤدي لمواجهة كبرى مصيرها سيكون لصالح شعوب المنطقة، وصمود "غزة" رغم الكارثة التي حلت فيها مثال سجله التاريخ بأحرف من دم، "غزة" مثال للمواجهة غير الكفؤة التي تحقق فيها معجزات وأساطير سيحكيها الإسرائيلي قبل غيره، لذلك يريدون حسم الملف الفلسطيني وفقا لمبدأ "ما هو للإسرائيلي سيأخذه، وما يبقى يكون للفلسطينيين" في محاولة لتحويل الأسطورة إلى هزيمة، وإعطاء "نتنياهو" "بصمات إنتصار بدل وصمات العار التي تلاحقه"