وضعت الأمم المتحدة باجماع معظم دول العالم اهداف لتحقيق التنمية البشرية المستدامة والتي وضعت لها جدولا زمنيا كنقطة قياس لتحقيق هذة الأهداف وهو العام 2030.
تضمنت الأهداف العديد من البنود أبرزها القضاء علي الفقر وتحسين البيئة وتحقيق حقوق افضل للنساء وانجازات يجب أن تتحقق في مجال التعليم والصحة والسكن والرفاة الاجتماعي.....الخ .
تقيس الأمم المتحدة مدي تقدم او تراجع الدول وفق دليل التنمية البشرية المستدامة والذي يقيس مؤشرات الصحة والتعليم والتنمية الاقتصادية وبالقلب منها محاربة الفقر .
تعتمد مسألة قياس دليل التنمية ليس فقط علي المؤشرات الكمية بل يضاف لها المؤشرات النوعية ومنها مدي توفر الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ومدي القدرة علي محاربة الفساد ووجود آليات من المسائلة والمحاسبة واللانتخابات الدورية واستقلال القضاء لضمان الحكم الرشيد .
يختلف منظور التنمية البشرية او الإنسانية عن منظور البنك الدولي الذي يعتمد نظرية النمو الاقتصادي الذي من الممكن أن ينعكس علي نصيب الفرد السنوي والناتج القومي الإجمالي وفق تصورة .
لا يربط البنك الدولي معدلات النمو الاقتصادي بانعكاساتة علي الفئات الاجتماعية وفق مبدأ التوزيع العادل للثروات ودون احتساب مركزة وتركز الثروة في يد تحالف المال والسياسية علي حساب الشفافية ومصالح السواد الأعظم من الفقراء.
تم اعتماد فلسطين بالمعني الدولي اي الضفة والقطاع والقدس اي الاراضي التي احتلت عام 1967 من بين الدول التي تندرج في إطار قياس دليل التنمية البشرية وذلك بعد تاسيس السلطة بالعام 1994 علي اعتبار أن السلطة من المتوقع أن تكون نواة الدولة .
أشارت العديد من التقارير والدراسات بصعوبة تحقيق فلسطين لأهداف التنمية البشرية وذلك بوصفها تقع تحت الاحتلال الذي يسيطر علي الحدود والموارد والثروات .
لقد أشارت التقارير أن سيطرة دولة الاحتلال علي منطقة ج بالضفة يحول دون تحقيق عائد للشعب الفلسطيني بحوالي 3,5مليار دولار سنويا كما أن الحصار المفروض علي قطاع غزة بما يعني التحكم بالحركة والمعابر اضافة الي السيطرة علي المنطقة التي تسميها دولة الاحتلال بالعازلة علي الحدود الشرقية والشمالية من القطاع والتي هي منطقة خصبة وغنية زراعيا الي جانب السيطرة علي غاز البحر والذي تقدر قيمتة بمليارات الدولارات كعوائد سنوية يعمل علي تعطيل وتقهقر التنمية وتصبح مستحيلة التحقيق .
أن نظرة سريعة لحالة التعليم والصحة والسكن والزراعة والبيئة والمياة والتجارة والصناعة والسياحة والخدمات والمشاريع الصغيرة في قطاع غزة بعد عدوان الاحتلال المستمر لأكثر من واحد وعشرون شهرا علي قطاع غزة والذي يندرج في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية واعمال ترتقي الي الابادة الجماعية والتطهير العرقي حسب وصف محكمتي العدل والجنايات الدوليتين ومنظمات حقوق الإنسان ذات المصداقية وخاصة امنستي وهيومن رايتس وتش يؤكد بما لا يدع مجال للشك بأن دولة الاحتلال تعمل علي تدمير البنية البشرية والسكانية والتنموية اي انها تعمل علي تدمير التنمية البشرية بكل ابعادها .
لقد انتقلت دولة الاحتلال بعدوانها من حالة الاحتلال العسكري والتميز العنصري الي حالة التطهير العرقي والابادة الجماعية في محاولة لجعل قطاع غزة مكان غير ملائم للعيش ودفع الناس للهجرة ( الطوعية ) والتي ستكون قسرية بعد تدمير مقومات الحياة.
ان محاسبة دولة الاحتلال وملاحقتها قضائيا يجب أن لا يقتصر علي الجرائم المباشرة مثل القتل العمد وتدمير المنازل والمستشفيات والمدارس والجامعات بل يجب أن يشمل الملف التنموي بما في ذلك الاوضاع الاقتصادية .
أن تحميل المسؤولية لدولة الاحتلال علي حالة الفقر والبطالة وسوء التغذية وتدمير المنشآت الاقتصادية والمدنية يجب أن يدفع الي مسائلتها وتفعيل آلية جبر الضرر بوصفها الجهة التي الحقت الضرر و الدمار بالشعب الفلسطيني.
وبالوقت الذي انتقلت دولة الاحتلال لحالة الابادة الجماعية في قطاع غزة فهي بدأت تمارس ذات الأساليب بالضفة الغربية ولكن بوتائر مختلفة وذلك من خلال سياسة النزوح الإجباري كما حصل في مخيم جنين الي جانب السيطرة علي منطقة ج واقامة الحواجز الكثيرة بالضفة بما يعيق من حرية الحركة والتبادل التجاري وتمزيق الأسواق في سياق استمرارية قيامها بمصادرة الاراضي وبناء المستوطنات وذلك في سياق منظومة الابارتهايد العنصري التي تطبقه بالضفة الغربية.
ان ما تقوم بة دولة الاحتلال لا يعمق التبعية ويعيق من فرص تحقيق التنمية فقط بل يهدد الوجود البشري الفلسطيني .
وعلية فان المقاربة الأفضل للشعب الفلسطيني وأمام التحديات الوجودية والمصيرية التي يتعرض لها تكمن بمقاربة الصمود والبقاء علي الارض افشالا لمخطط التهجير الاحتلالي وبما يعيد ترتيب المعادلة باتجاة التنمية الرامية لتحقيق اهداف شعبنا بالتحرر الوطني.
أن التنمية من أجل الصمود هي المدخل الأنسب لكفاح شعبنا وليس غيرها من المقاربات الأمر الذي يتطلب العودة لقيم التكافل والتضامن والاقتصاد المنزلي والمشاريع الصغيرة والريادية والمعتمدة علي المبادرات الذاتية والمحلية بما يشمل المبادرات التقنية والعمل عن بعد .
أن آليات البقاء والصمود البناء هي التي يجب أن يصار الي اعتمادها كوسيلة للصمود ومن اجل التحرر وذلك في مواجهة التحديات الوجودية التي يتعرض لها شعبنا من قبل حكومة يمينية فاشية تحكم دولة الاحتلال وهي الأكثر عنصرية ووحشية منذ عام 1948.