ركام غزة يروى الحكاية.. لو تحدثنا فقط عن الحجر في غزه
جون مصلح
ركام غزة يروى الحكاية.. لو تحدثنا فقط عن الحجر في غزه
الكوفية تقدر الأمم المتحدة حجم الركام المتولد عن العدوان في قطاع غزه بأكثر من 61 مليون طن من الأنقاض وهي كميه غير شامله للتدمير الأخير الذي ما زال يتواصل حتى اللحظة.
بيوت أبراج مدارس جامعات مساجد ومؤسسات شوارع ومستشفيات بنى تحتيه ومقدرات مدينه بأكملها مسحت وما بقى سوى الغبار والركامات.
هذا الرقم وحده لو أردنا أن نقرّبه للعقل يمكن أن يبني ثلاثة عشر هرماً من أهرامات الجيزة، أي أن ما سُحق في غزه من حجارة ومبانٍ وبنى تحتيه يعادل ما بُني في حضاراتٍ بأكملها، نحن هنا لا نتحدث عن البشر ولا عن الشجر ولا عن الأرواح التي سكنت بين الجدران، بل عن الجماد فقط.. الحجر وحده صار شهادة على هول ما جرى فكيف لو نطق التراب عن ساكنيه وكيف لو تحدث الركام عن القلوب التي دُفنت تحته، ومع كل صباح جديد يخرج من بين الركام لون جديد للدمار وحكاية جديده من قلب الرماد كأن الحجر نفسه صار مرآةً تعكس وجع المكان يُذكّر العالم أن ما حدث هنا ليس مشهدًا عاديا بل فصل كامل من تاريخٍ يُعاد كتابته بالحجر والغبار، لكن الركام في غزه ليس صامتا كل حجر فيه يحتفظ بصوتٍ انكسر وبظل بيتٍ كان وبضحكه لم تكتمل، كل جدارٍ مهدوم يروي سيره عائلهٍ بأكملها ويهمس بما لم تستطع نشرات الأخبار أن تقوله، ولو أن للحجر قلبا لارتجف من هول ما حمله على كتفيه من وجع الإنسان ها هو الغبار يرتفع من بين الركام كأنه روح المدينة تحاول أن تقول كنت هنا وكانوا هنا.. فلو تحدثنا عن الحجر في غزه فقط الحجر.
لوجدنا أن الجماد وحده صار أبلغ من كل الخطب وأصدق من كل الصور.. فكيف إذن لو نطق البشر .
لكى الله يا غزه هاشم ..
والله غالب ..